لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ). والله إنّي لآمر باليهوديّ والنصرانيّ تضرب عنقه فأرمقه بعيني فما أراه يحرّك شفتيه حتّى يخمد. فقلت : أصلح الله الأمير ؛ ليس ما تأوّلت. قال : كيف هو؟ قلت : إنّ عيسى ينزل قبل يوم القيامة إلى الدنيا ، فلا يبقى أهل ملّة يهوديّ أو غيره إلّا آمن به قبل موته. ويصلّي خلف المهديّ. فقال : ويحك! أنّى لك هذا؟ فقلت : حدّثني به محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهمالسلام. فقال : جئت ـ والله بها ـ من عين صافية. (١)
(إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ). يجوز أن يكون الضميران للمسيح. أي : يؤمن أهل الكتاب بالمسيح قبل موت المسيح. وذلك إذا أنزله الله إلى الأرض وقت خروج المهديّ فتصير الملل كلّها ملّة واحدة. وذلك حين لا ينفعهم الإيمان. ويجوز أن يكون الضمير في به يعود إلى المسيح والضمير في موته يعود إلى الكتابيّ. يعني : إذا تحقّق للكتابيّ الموت ، يؤمن بعيسى. وهذا الإيمان أيضا لا ينفع. (٢)
(إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ) ؛ أي : بمحمّد صلىاللهعليهوآله قبل موت اليهوديّ والكتابيّ. عن عكرمة. ورواه أيضا أصحابنا. وفي هذه الآية دلالة على أنّ كلّ كافر يؤمن عند المعاينة وأنّ إيمانه ذلك غير مقبول كإيمان فرعون. ويقرب من هذا ما رواه الإماميّة أنّ المحتضرين من جميع الأديان يرون رسول الله وخلفاءه عليهمالسلام عند الوفاة. ويروون في ذلك عن عليّ عليهالسلام أنّه قال للحارث الهمدانيّ :
يا حار همدان من يمت يرني |
|
من مؤمن أو منافق قبلا |
يعرفني طرفه وأعرفه |
|
بعينه واسمه وما فعلا (٣) |
(شَهِيداً). فيشهد على اليهود بالتكذيب وعلى النصارى بأنّهم دعوه ابن الله. (٤)
[١٦٠] (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً)
__________________
(١) تفسير القمّيّ ١ / ١٥٨.
(٢) مجمع البيان ٣ / ٢١١ ـ ٢١٢.
(٣) نور الثقلين ١ / ٥٧١ ، ومجمع البيان ٣ / ٢١٢.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٤٨.