ما قدروا على عذابه ولكن رفعه الله بعد أن توفّاه. (١)
(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) ؛ أي : في شأن عيسى. فإنّه لمّا وقعت تلك الواقعة ، اختلف الناس. فقال بعض اليهود : إنّه كان كاذبا فقتلناه حقّا. وتردّد آخرون فقال بعضهم : الوجه وجه عيسى والبدن بدن صاحبنا. وقال بعضهم : إنّ الله رفعه إلى السماء. وقال قوم : صلب الناسوت وصعد اللّاهوت. (لَفِي شَكٍّ) : تردّد. والشكّ كما يطلق على ما لا يترجّح أحد طرفيه يطلق على مطلق التردّد وعلى ما يقابل العلم. ولذلك أكّده بقوله : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ). استثناء منقطع. ويجوز أن يفسّر الشكّ بالجهل والعلم بالاعتقاد الذي تسكن إليه النفس جزما كان أو غيره ، فيتّصل الاستثناء. (٢)
[١٥٨] (بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)
(بَلْ رَفَعَهُ اللهُ). عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : ثمّ صعدنا إلى السماء الثانية ، فإذا فيها رجلان متشابهان. فقلت : من هذان يا جبرئيل؟ فقال : ابنا الخالة ؛ عيسى ويحيى عليهماالسلام. فسلّمت عليهما وسلّما عليّ. واستغفرت لهما واستغفرا لي. وقالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبيّ الصالح. (٣)
(عَزِيزاً) لا يغلب. (حَكِيماً) فيما دبّره في عيسى. (٤)
[١٥٩] (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً)
(لَيُؤْمِنَنَّ) ؛ أي : بأنّ عيسى عبد الله ورسوله قبل أن يموت وتزهق روحه. (٥)
(إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ). عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجّاج : يا شهر ، آية في كتاب الله قد أعيتني. فقلت : أيّها الأمير ، أيّة آية هي؟ قال : قوله : (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا
__________________
(١) كمال الدين / ٢٢٤ ، ح ٢٠.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٤٧.
(٣) تفسير القمّيّ ٢ / ٩.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٤٨.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٤٨.