تعالى أمرهم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت وأجاز لهم ما عداه. قرأ أهل المدينة : (لا تَعْدُوا) بتسكين العين وتشديد الدال ، وأصله : لا تعتدوا ، فأدغم التاء في الدال لتقاربهما. (١) فجمع بين الساكنين كما جمع في نحو : أصيمّ ودويبّة. (٢)
[١٥٥] (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً)
[(فَبِما نَقْضِهِمْ) : فبنقضهم. وما مزيدة للتوكيد.] فإن قلت : بم تعلّقت الباء؟ وما معنى التوكيد؟ قلت : [إمّا أن يتعلّق بمحذوف ، كأنّه قيل : فبما نقضهم ميثاقهم ، فعلنا بهم ما فعلنا. و] إمّا أن يتعلّق بقوله : (حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ)(٣) على أنّ قوله : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا) بدل من قوله : (فَبِما نَقْضِهِمْ). وأمّا التوكيد فمعناه تحقيق أنّ العقاب واقع بهم ، أو تحريم الطيّبات لم يكن إلّا بنقض العهد وما عطف عليه من الكفر وقتل الأنبياء وغير ذلك. (٤)
(مِيثاقَهُمْ) ؛ أي : عهدهم أن يعملوا بما في التوراة. (٥)
(بِغَيْرِ حَقٍّ). تأكيد. لأنّ قتلهم لا يكون إلّا بغير حقّ. أو إنّه بغير حقّ عندهم.
(غُلْفٌ) : أوعية للعلوم. أو : في أكنّه ممّا تدعونا إليه. (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها) فجعلها محجوبة عن العلم. أو : خذلها ومنعها التوفيق للتدبّر في الآيات والتذكّر في المواعظ. (إِلَّا قَلِيلاً) منهم كابن سلام. أو : إيمانا قليلا لا عبرة به لنقصانه. (٦)
[١٥٦] (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً)
(وَبِكُفْرِهِمْ) بعيسى. وهو معطوف على (بِكُفْرِهِمْ) لأنّه من أسباب الطبع. (بُهْتاناً عَظِيماً). نسبتها إلى الزنى. (٧)
__________________
(١) مجمع البيان ٣ / ٢٠٦ و ٢٠٤.
(٢) جوامع الجامع ١ / ٣٤٦.
(٣) النساء (٤) / ١٦٠.
(٤) الكشّاف ١ / ٥٨٥.
(٥) مجمع البيان ٣ / ٢٠٧.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧.
(٧) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٤٧.