فأخذ سيفه وأتى إليهم وقال لهم : يا أعداء الله ، أتتّهموني بالسرق وأنتم أولى به؟ وأنتم تهجون رسول الله صلىاللهعليهوآله وتنسبونه إلى قريش! فقالوا له : ارجع ـ رحمك الله ـ فإنّك بريء. فمشى بنو أبيرق إلى رجل من رهطهم يقال له أسيد بن عروة وكان منطيقا بليغا ، فمشى إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إنّ قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منّا أهل شرف وحسب ونسب فرماهم بالسرق واتّهمهم بما ليس فيهم. فاغتمّ رسول الله من ذلك. وجاء إليه قتادة. فقال له : عمدت إلى أهل بيت شرف فرميتهم بالسرقة؟ وعاتبة عتابا شديدا. فاغتمّ قتادة لذلك وقال : يا ليتني متّ ولم أكلم رسول الله صلىاللهعليهوآله فكلّمني بما كرهته. فقال عمّه : الله المستعان. وأنزل الله في ذلك على نبيّه : (إِنَّا أَنْزَلْنا) ـ الآية. (١)
(أَراكَ اللهُ) ؛ أي : علّمك وأوحى إليك. (٢)
(خَصِيماً) ؛ أي : تدافع من طالبه عنه. (٣)
[١٠٦] (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً)
(وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) من المخاصمة عن الخائن. والخطاب وإن توجّه إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله إلّا أنّ المراد أمّته. (٤)
[١٠٧] (وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً)
(وَلا تُجادِلْ). نهى سبحانه عن الدفع عن أهل الخيانة. (يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ) ؛ أي : يخونونها ويظلمونها بالسرقة. لأنّ ضرر خيانتهم راجع إليهم لا حق بهم. (خَوَّاناً) ؛ أي : كثير الخيانة معتادها. وقد يطلق الخوّان على الخائن في شيء واحد إذا عظمت تلك الخيانة.
__________________
(١) تفسير القمّيّ ١ / ١٥٠ ـ ١٥١.
(٢) مجمع البيان ٣ / ١٦٢ ، وجوامع الجامع ١ / ٣٣٠.
(٣) مجمع البيان ٣ / ١٦٢. وفيه هكذا : نهاه أن يكون لمن خان مسلما ... خصيما يدافع من طالبه عنه بحقّه الذي خانه فيه.
(٤) مجمع البيان ٣ / ١٦٢.