(وَلا تَهِنُوا). نزلت في الذهاب إلى بدر الصغرى لموعد أبي سفيان يوم أحد. وقيل : نزلت يوم أحد في الذهاب خلف أبي سفيان وعسكره إلى حمراء الأسد. (إِنْ تَكُونُوا) أيّها المؤمنون (تَأْلَمُونَ) ممّا ينالكم من الجراح ، فهم يألمون أيضا من جراحكم لهم. (وأنتم ترجون) أيّها المؤمنون (مِنَ اللهِ) الظفر عاجلا والثواب آجلا. فأنتم أحرى بأن تصبروا. وذلك أنّ الله أمرهم على ما بهم من الجراح أن يتبعوهم وأراد بذلك إرهاب المشركين ، فخرجوا إلى حمراء الأسد وبلغ المشركين ذلك فأسرعوا حتّى دخلوا مكّة. (١)
[١٠٥] (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً)
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) ـ الآية. روي : انّ طعمة بن أبيرق أحد بني ظفر سرق درعا من جار له اسمه قتادة في جراب دقيق ، فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه ، وخبأها عند رجل من اليهود. فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد وحلف ما أخذها وما له بها علم. فتركوه واتّبعوا أثر الدقيق حتّى انتهى إلى منزل اليهوديّ فأخذوها. فقال : دفعها إليّ طعمة. وشهد له جماعة من اليهود. فقال بنو ظفر : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله. فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا : إن لم تفعل ، هلك وافتضح وبرئ اليهوديّ. فهمّ أن يفعل وأن يعاقب اليهوديّ وأن يقطع يده ، فنزلت الآية. وروي أنّ هذا السارق ـ وهو طعمة ـ هرب إلى مكّة وارتدّ ونقب حائطا بمكّة ليسرق أهله ، فوقع عليه الحائط فقتله. (٢)
(إِنَّا أَنْزَلْنا) ـ الآية. سبب نزولها أنّ إخوة ثلاثة كانوا منافقين ، بشير ومبشّر وبشر ، فنقبوا على عمّ قتادة بن نعمان ـ وكان قتادة بدريّا ـ وأخرجوا طعاما كان أعدّه لأهله وسيفا ودرعا. فشكا قتادة ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : إنّ الإخوة الثلاثة من بني أبيرق نقبوا على عمّي. فقال بنو أبيرق لقتادة : فعله لبيد بن سهل. وكان مؤمنا. فبلغ ذلك لبيدا
__________________
(١) مجمع البيان ٣ / ١٥٩ ـ ١٦٠.
(٢) الكشّاف ١ / ٥٦١ ـ ٥٦٢.