قيل : المعنى : إذا أردتم فعل الصلاة واشتدّ الخوف ولا عليكم الصلاة على الشرائط المعتبرة ، فالواجب الصلاة مهما أمكن. ويمكن أن يكون إشارة إلى صلاة القادر والعاجز ويكون حكم شدّة الخوف مستفادا منه. (قِياماً) ؛ أي : إذا كنتم أصحّاء قادرين عليه. (وَقُعُوداً) إذا كنتم مرضى لا تقدرون على القيام. (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ) ؛ أي : إذا سكنت قلوبكم من الخوف وقدرتم على ما يعتبر فيها من الأمور. وهو مؤيّد لإرادة شدّة الخوف من الكلام السابق. (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) : فعدّلوا واحفظوا أركانها وأتوا بها تامّة على الوجه المأمور به. أو : إذا استقررتم في أوطانكم وأقمتم في أمصاركم ، فأتمّوا الصلاة التي أذن لكم في قصرها. (١)
(فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ؛ أي : فاقضوا ما صلّيتم في تلك الأحوال التي هي أحوال القلق والانزعاج. (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً) : محدودا بأوقات لا يجوز إخراجها عن أوقاتها على أيّ حال كنتم خوف أو أمن. وهذا ظاهر على مذهب الشافعيّ في إيجابه الصلاة على المحارب في حال المسايفة والمشي والاضطراب في المعركة إذا حضر وقتها فإذا اطمأنّ فعليه القضاء. وأمّا عند أبي حنيفة ، فهو معذور في تركها إلى أن يطمئنّ. (٢)
(وَعَلى جُنُوبِكُمْ) إذا لم تقدروا على القعود. (٣)
عن أبي جعفر عليهالسلام (كِتاباً مَوْقُوتاً) قال : موجبا. إنّما يعني بذلك وجوبها على المؤمنين. ولو كانت كما يقولون ، لهلك سليمان بن داوود عليهماالسلام حين أخّر الصلاة حتّى توارت بالحجاب ، لأنّه لو صلّاها قبل أن تغيب كان وقتا وليس صلاة أطول وقتا من العصر. (٤)
[١٠٤] (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً)
(وَلا تَهِنُوا) ؛ أي : لا تضعفوا في طلب القوم. يعني أبا سفيان وأصحابه لمّا رجعوا من أحد. (ح)
__________________
(١) مسالك الأفهام ١ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤.
(٢) الكشّاف ١ / ٥٦٠ ـ ٥٦١.
(٣) مجمع البيان ٣ / ١٥٨.
(٤) علل الشرائع / ٦٠٥ ؛ ح ٧٩.