نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً)
(نَصِيراً) يمنع العذاب. (أَمْ لَهُمْ). أم منقطعة. ومعنى الهمزة إنكار أن يكون لهم نصيب من الملك ، ولو كان لهم نصيب من الملك لا يؤتون أحدا ما يوازي نقيرا ؛ وهو النقرة في ظهر النواة. وهذا هو الإغراق في بيان شحّهم. فإنّهم بخلوا بالنقير وهم ملوك ، فما ظنّك بهم إذا كانوا أذلّاء متفاقرين. (١)
(أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ). لمّا [بيّن] حكم اليهود بأنّ المشركين أهدى من النبيّ صلىاللهعليهوآله وأصحابه ، بيّن الله أنّ الحكم ليس إليهم إذ الملك ليس لهم. وهذا استفهام معناه الإنكار. أي ليس لهم ذلك. وقيل : المراد بالملك هنا النبوّة. أي : ليس لهم نصيب من النبوّة فيلزم الناس اتّباعهم وطاعتهم. ولو أعطوا الدنيا وملكها ، لما أعطوا الناس من الحقوق قليلا ولا كثيرا. (٢)
[٥٤] (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)
(أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ). معناه : بل أيحسدون؟ قيل : المراد به النبيّ صلىاللهعليهوآله حسدوه (عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) من النبوّة وإباحة تسع نسوة وميله إليهنّ. وقالوا : لو كان نبيّا لشغلته النبوّة عن ذلك ، فبيّن الله أنّ النبوّة ليست ببدع في آل إبراهيم. (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) ؛ يعني : النبوّة. وقد آتينا داوود وسليمان الحكمة وكان لداوود تسع وتسعون امرأة ولسليمان مائة امرأة. وقيل : ألف امرأة ؛ سبعمائة سريّة ، وثلاثمائة امرأة. فلا معنى لحسدهم محمّدا صلىاللهعليهوآله على هذا وهو من أولاد إبراهيم وهم كانوا أكثر تزويجا وأوسع مملكة. وقال أبو عبد الله عليهالسلام : نحن قوم فرض الله طاعتنا. لنا الأنفال. ولنا صفو المال. ونحن الراسخون في العلم. ونحن المحسودون الذين قال الله في كتابه : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ). قال : والمراد بالكتاب النبوّة ، وبالحكمة الفهم والقضاء ، وبالملك
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢١٩.
(٢) مجمع البيان ٣ / ٩٤ ـ ٩٥.