بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً)
(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ). لأنّه بتّ الحكم على خلود عذابه. ولأنّ ذنبه لا ينمحي عنه أثره فلا يستعدّ للعفو بخلاف غيره. (ما دُونَ ذلِكَ) ؛ أي : ما دون الشرك ، صغيرا كان أو كبيرا. (لِمَنْ يَشاءُ) ، تفضّلا عليه وإحسانا. وأوّل المعتزلة الفعلين على معنى أنّ الله لا يغفر الشرك لمن يشاء وهو لمن لم يتب ويغفر ما دونه لمن يشاء وهو من تاب. وفيه تقييد بلا دليل. إذ ليس عموم آيات الوعيد بالمحافظة أولى منه. (١)
(إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ) ـ الآية. عن أبي جعفر عليهالسلام : يعني أنّه لا يغفر لمن يكفر بولاية عليّ عليهالسلام. (وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) ؛ يعني : لمن والى عليّا عليهالسلام. (٢)
(فَقَدِ افْتَرى). الافتراء كما يطلق على القول يطلق على الفعل. أي : ارتكب ما يستحقر دونه الآثام. (٣)
[٤٩] (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً)
(يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ). اليهود والنصارى ؛ قالوا : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ). (٤) وقالوا : (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى). (٥) وفي معناهم من زكّى نفسه وأثنى عليها. (يُزَكِّي). تنبيه على أنّ تزكيته هو المعتدّ به دون تزكية غيره. فإنّه العالم بما ينطوي عليه الإنسان. وقد ذمّهم وزكّى المرتضين من عباده المؤمنين. وأصل التزكية نفي ما يستقبح فعلا أو قولا. (وَلا يُظْلَمُونَ) بالذمّ والعقاب في تزكيتهم أنفسهم بغير حقّ. (فَتِيلاً) ؛ أي : أدنى ظلم وأصغره. والفتيل : الخيط الذي في شقّ النواة. يضرب به المثل في الحقارة. (٦)
(يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ). قال : هم الذين سمّوا أنفسهم بالصدّيق والفاروق وذي النورين
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢١٨.
(٢) تفسير العيّاشيّ ١ / ٢٤٥ ـ ٢٤٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٢١٨.
(٤) المائدة (٥) / ١٨.
(٥) البقرة (٢) / ١١١.
(٦) تفسير البيضاويّ ١ / ٢١٨ ـ ٢١٩.