لها بأنّها لا تفلح أبدا. رواه أبو الجارود عن أبي جعفر عليهالسلام. (١)
(أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً) ؛ أي : نمحو تخطيط صورها من عين وحاجب وأنف وفم. (فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) : فنجعلها على هيئة الأقفاء مطموسة مثلها. والفاء للتسبيب. وإن جعلتها للتعقيب على أنّهم توعّدوا بعقابين أحدهما عقيب الآخر ردّها على أدبارها بعد طمسها ، فالمعنى : أن نطمس وجوها فننكس الوجوه إلى خلف والأقفاء إلى قدّام. ووجه آخر ؛ وهو أن يراد بالطمس القلب والتغيير وبالوجوه رؤوسهم ووجهاؤهم. أي : من قبل أن نغيّر حال وجهائهم فنسلبهم وجاهتهم ونكسوها صغارهم وأدبارهم (٢) ، أو نردّهم إلى حيث جاؤوا منه وهي أذرعات الشام. يريد إجلاء بني النضير. [فإن قلت : لمن الراجع في قوله : (أَوْ نَلْعَنَهُمْ)؟ قلت : للوجوه](٣) إن أريد الوجهاء. أو لأصحاب الوجوه. أو يرجع إلى الذين أوتوا الكتاب على طريقة الالتفات. (أَوْ نَلْعَنَهُمْ) : نخزيهم بالمسخ كما مسخنا أصحاب السبت. فإن قلت : فأين وقوع الوعيد؟ قلت : هو مشروط بالإيمان وقد آمن منهم [ناس]. وقيل : هو منتظر. ولا بدّ من طمس ومسخ لليهود قبل يوم القيامة. ولأنّ الله أوعدهم بأحد الأمرين ؛ بطمس وجوه منهم أو بلعنهم. فإن كان الطمس تبديل أحوال رؤسائهم أو إجلاءهم إلى الشام ، فقد كان أحد الأمرين. وإن كان غيره ، فقد حصل اللّعن. فإنّهم ملعونون بكلّ لسان والظاهر اللّعن المتعارف دون المسخ. (٤)
(أَوْ نَلْعَنَهُمْ) على لسانك كما لعنّاهم على لسان داوود. والضمير لأصحاب الوجوه. (أَمْرُ اللهِ) بإيقاع شيء. (مَفْعُولاً) : نافذا وكائنا. (٥)
[٤٨] (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ
__________________
(١) مجمع البيان ٣ / ٨٦.
(٢) المصدر : (فنسلبهم إقبالهم وو جاهتهم ونكسوهم صغارهم وإدبارهم) بدل العبارة الأخيرة.
(٣) في النسخة : «أو نلعنهم أي نلعن الوجوه» بدل ما بين المعقوفتين.
(٤) الكشّاف ١ / ٥١٨ ـ ٥١٩.
(٥) تفسير البيضاويّ ١ / ٢١٨.