بفتح التاء وتشديد السين على أنّ معناه : تتسوّى ، فأدغم التاء في السين لقربها منها. وأمّا الأولى فحذف [التاء] فالتاء اعتلّت بالحذف كما اعتلّت بالإدغام. ومعناه على قراءة الباقين بضمّ التاء وتخفيف السين : لو يجعلون والأرض سواء. كقول الكافر : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً). (١) وعن ابن عبّاس : معناه أنّهم يودّون أن يمشي عليهم أهل الجمع يطؤونهم بأقدامهم كما يطؤون الأرض. (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً). عطف على قوله : (لَوْ تُسَوَّى). أي : يودّون أنّهم لم يكتموا الله حديثا. لأنّهم إذا سئلوا قالوا : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)(٢) فتشهد عليهم جوارحهم بما عملوا ، فيقولون : يا ليتنا كنّا ترابا! ويا ليتنا لم نكتم الله شيئا! ويجوز أن يكون كلاما مستأنفا والمراد أنّهم لا يكتمون الله شيئا من أمور كفرهم. (٣)
(لَوْ تُسَوَّى) قال : يتمنّى الذين غصبوا أمير المؤمنين عليهالسلام أن يكون الأرض ابتلعهم في اليوم الذي اجتمعوا فيه على غصبه ولم يكتموا ما قاله رسول الله صلىاللهعليهوآله فيه. (٤)
[٤٣] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ). أي : لا تصلّوا في تلك الحال. ومقتضى النهي بطلان الصلاة لو أتي بها فيجب عليه القضاء بعد شعوره. والنهي متوجّه إلى الثّمل الذي لم يزل عقله بعد وهو يعلم ما يقول. أو : لا تقربوا الصلاة في شيء من الحالات إذا علمتم زوال عقولكم بالسكر بعد الدخول فيها. (حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ) في صلاتكم. وقيل : إنّ المراد بذلك سكر النعاس. فإنّ الناعس لا يعلم ما يقول. (وَلا جُنُباً). عطف على قوله :
__________________
(١) النبأ (٧٨) / ٤٠.
(٢) الأنعام (٦) / ٢٣.
(٣) مجمع البيان ٣ / ٧٦ ـ ٧٨.
(٤) تفسير القمّيّ ١ / ١٣٩.