اكتسب من نعيم الدنيا بالتجارات والزراعات وأنواع المكاسب ، فينبغي أن يقنع كلّ منهم بما قسم الله له. أو انّ معناه : انّ لكلّ منهما نصيبا من الميراث على حسب ما قسمه الله. فالاكتساب حينئذ بمعنى الإصابة والإحراز. (وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ) ؛ أي : إذا أعجبكم ما للغير ، فاطلبوا من الله أن يعطيكم من فضله. ابن كثير والكسائيّ : (وَسْئَلُوا اللهَ) بغير همز. (١)
(ما فَضَّلَ اللهُ) من الأمور الدنيويّة كالجاه والمال. فلعلّ عدمه خير والمقتضي للمنع كونه ذريعة إلى التحاسد والتعادي ، معربة عن عدم الرضا بما قسم الله له. وإنّه تشهّ لحصول الشيء له من غير طلب. وهو مذموم. لأنّ تمنّي ما لم يقدّر له معارضة لحكمة القدر ، وتمنّي ما قدّر بكسب ، بطالة وتضييع حظّ ، وتمنّي ما قدّر له بغير كسب ، ضائع ومحال. (عَلِيماً). فهو يعلم ما يستحقّه كلّ إنسان فيفضّل عن علم وتبيان. (٢)
(مِنْ فَضْلِهِ). عن الصادق عليهالسلام : هو الرزق الحلال. وهو الفضل من الرزق الذي يقسمه الله من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. وأمّا أصل الرزق فهو مقسوم. (٣)
[٣٣] (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً)
(وَلِكُلٍّ جَعَلْنا) ؛ أي : لكلّ واحد من النساء والرجال جعلنا (مَوالِيَ) ؛ أي : ورثة هم أولى بميراثه (مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ) أي : يرثون أو يعطون ممّا ترك الولدان (وَالْأَقْرَبُونَ) الموروثون (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) ؛ أي : ويرثون ممّا ترك الذين عقدت أيمانكم لهم. فيكون قوله : (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) عطفا على قوله : (الْوالِدانِ). (فَآتُوهُمْ) ؛ أي : فآتوا كلّا نصيبهم من الميراث. وقال أكثر المفسّرين : إنّ قوله : (الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) [مقطوع من الأوّل. فكأنّه قال : والذين عاقدت أيمانكم] أيضا فآتوهم نصيبهم. قرأ أهل الكوفة : (عَقَدَتْ) بغير ألف ، والباقون : (عَقَدَتْ) بالألف. قيل : المراد بهم الحلفاء ؛ كما قيل : إنّ
__________________
(١) مجمع البيان ٣ / ٦٣ ـ ٦٤.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٢١٢.
(٣) انظر : تفسير العيّاشيّ ١ / ٢٤٠ ، ح ١١٩.