الرجل في الجاهليّة كان يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك. وحربي حربك. وتعقل عنّي وأعقل عنك. فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف. ثمّ نسخ ذلك بقوله : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ). (١) وقيل : (فَآتُوهُمْ) : فأعطوهم (نَصِيبَهُمْ) من النصر والعقل ولا ميراث. فلا نسخ. وقيل : إنّ المراد بهم قوم آخى بينهم رسول الله صلىاللهعليهوآله من المهاجرين والأنصار حين قدم المدينة وكانوا يتوارثون بتلك المؤاخاة ، ثمّ نسخ الله ذلك بالفرائض. وقيل : إنّهم الذين يتبنّون أبناء غيرهم في الجاهليّة. ومنهم زيد مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله. فأمروا في الإسلام أن يوصوا لهم عند الموت بوصيّة. فذلك قوله : (فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ). (شَهِيداً) : مطّلعا على كلّ شيء. (٢)
(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ). عن أبى الحسن عليهالسلام : إنّما عني بذلك الأئمّة عليهمالسلام. بهم عقد الله أيمانكم. (٣)
(عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ) ؛ أي : عقدت عهودهم أيمانكم. فحذف العهود وأقيم الضمير المضاف إليه مقامه [ثمّ حذف] كما حذف في القراءة الأخرى. (٤)
(مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ). (مِمَّا تَرَكَ) تبيين لكلّ. أي : ولكلّ شيء ممّا ترك الوالدان والأقربون من المال جعلنا موالي وورّاثا يلونه ويحوزونه. أو : ولكلّ قوم جعلناهم موالي نصيب ممّا ترك الوالدان والأقربون ، على أنّ (جَعَلْنا مَوالِيَ) صفة لكلّ والضمير الراجع إلى كلّ محذوف والكلام مبتدأ وخبر. أو : ولكلّ أحد جعلنا موالي ممّا ترك ؛ أي : ورّاثا ممّا ترك ، على أنّ من صلة موالي لأنّهم في معنى الورّاث وفي ترك ضمير كلّ. ثمّ فسّر الموالي بقوله : (الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ). كأنّه قيل : من هم؟ فقيل : الوالدان والأقربون. (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ) مبتدأ وضمن معنى الشرط فوقع خبره مع الفاء. (٥)
__________________
(١) الأنفال (٨) / ٧٠.
(٢) مجمع البيان ٣ / ٦٦ ـ ٦٧.
(٣) الكافي ٧ / ٢١٦.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢١٣.
(٥) الكشّاف ١ / ٥٠٤.