(إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ) ؛ أي : تتركوا جانبا كبائر ما تنهون عنه. وحكى الطبرسيّ عن علمائنا رحمهمالله أنّ الذنوب كلّها كبائر. (١) وردّ عليه جماعة من المتأخّرين باشتهار الخلاف فيما بين علمائنا كاشتهار الخلاف بين الجمهور. عن الصادق عليهالسلام : الكبائر ما توعدّ الله عليه النار. (٢) أقول : سمعت ممّن أثق به من مشايخي أنّه تتبّع الذنوب التي توعّد عليها النار فوجدها ممّا يقرب من السبعين.
[٣٢] (وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)
(وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ). النزول. قيل : جاءت وافدة النساء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالت : يا رسول الله ، أليس الله ربّ الرجال والنساء وأنت رسول الله إليهم جميعا؟ فما بالنا يذكر الله الرجال ولا يذكرنا؟ نخشى أن لا يكون فينا خير ولا لله فينا حاجة. فنزلت هذه الآية. وقيل : إنّ أمّ سلمة قالت : يا رسول الله صلىاللهعليهوآله يغزو الرجال ولا تغزو النساء. وإنّما لنا نصف الميراث. فليتنا رجال فنغزو ونبلغ ما يبلغ الرجال. فنزلت الآية. وقيل : لمّا نزلت آية المواريث قال الرجال : نرجو أن نفضّل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضّلنا عليهنّ في الميراث فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء. وقالت النساء : نرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال في الآخرة ، كما لنا الميراث على النصف من نصيبهم. فنزلت الآية. (وَلا تَتَمَنَّوْا) ؛ أي : لا يقل أحدكم : ليت لي من المال ما لفلان ونحو ذلك. فإنّه حسد. ولكن يقول : اللهمّ أعطني مثله. وهو المرويّ عن أبي عبد الله عليهالسلام. وقيل : المعنى : لا يجوز للرجل أن يتمنّى أن لو كان المرأة أو العكس. لأنّ الله لا يفعل إلّا ما هو الأصلح. (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ) ـ الآية ـ أي : لكلّ حظّ من الثواب على حسب ما كلّفه الله من الطاعات بحسن تدبيره. فلا تتمنّوا خلاف هذا التدبير. أو : انّ لكلّ فريق من الرجال [والنساء] نصيبا ممّا
__________________
(١) مجمع البيان ٣ / ٦٣.
(٢) الكافي ٢ / ٢٧٦.