(أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ). أن ينكح في موضع النصب بيستطيع أو بفعل مقدّر صفة له. أي : من لم يستطع نكاح المحصنات ، أو لم يستطع غنى يبلغ به نكاح المحصنات ؛ يعني : الحرائر المسلمات ، (فَمِنْ ما مَلَكَتْ) ؛ أي : فليتزوّج من جنس ما ملكتم (مِنْ فَتَياتِكُمُ) ؛ أي : إماء الغير المسلمات. يعني يجوز التزويج بهنّ عن عدم استطاعة الطول لنكاح الحرّة. (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ) فيعلم ما بينكم وبين إمائكم من التفاضل فيه. فربما كان إيمان الأمة أرجح من إيمان الحرّة. ومن حقّ المؤمن أن يعتبر فضل الإيمان لا فضل النسب. والمراد تأنيسهم بنكاح الإماء ومنعهم عن الاستنكاف منه. (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) : أنتم وأرقّاؤكم متناسبون ، نسبكم من آدم ودينكم الإسلام. فلا تأبوا نكاح الإماء. لأنّ المدار على الجنسيّة ولا تفاضل بينكم في الجنسيّة. نعم ؛ تفاضلكم بالإيمان ، وهو أمر لا يعلمه إلّا الله. (١)
(بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) ؛ يعنى : الأب واحد ـ أعني آدم ـ والدين دين الإسلام. فلا ينبغي أن يعيّر بعضكم بعضا بالهجنة من جهة تزويج الإماء. (٢)
(بِالْمَعْرُوفِ) ؛ أي : بغير مطل وإضرار وإحواج إلى الاقتضاء. (مُحْصَناتٍ) : عفائف غير مجاهرات بالسفاح ؛ بقرينة قوله : (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) : أخلّاء في السرّ. أي : مسرّات السفاح. جمع خدن ؛ وهو الخليل سرّا. وعن ابن عبّاس أنّه كان قوم في الجاهليّة يحرّمون ما ظهر من الزنى ويستحلّون ما خفي منه ، فنهى الله عن الزنى سرّا وجهرا. وهي كلّها أحوال عن المفعول. (فَإِذا أُحْصِنَّ) بالتزويج. أي : إذا زوّجن وأحصنّ من الزنى بالتزويج. (٣)
(مُحْصَناتٍ) ؛ أي : تزوّجوهنّ عفائف غير زوان. (فَإِذا أُحْصِنَّ). أهل الكوفة بفتح الهمزة. (٤)
(وَأَنْ تَصْبِرُوا) ؛ أي : وصبركم عن نكاح الإماء بعد شروطه المستحبّة متعفّفين (خَيْرٌ لَكُمْ) من تزويجكم بهنّ ، لما فيه من المفاسد. وقد روي عنه صلىاللهعليهوآله : الحرائر صلاح البيت و
__________________
(١) مسالك الأفهام ٣ / ٢٠٤ ـ ٢٠٥.
(٢) مجمع البيان ٣ / ٥٥.
(٣) مسالك الأفهام ٣ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧.
(٤) مجمع البيان ٣ / ٥٥.