جبير وجماعة من الصحابة والتابعين. لأنّ لفظ الاستمتاع ، وإن كان في الأصل واقعا على الانتفاع والالتذاذ ـ كما فسّر المنكرون الآية به ـ إلّا أنّه في عرف الشرع صار مخصوصا بهذا المنقطع. فالمعنى حينئذ : فمتى عقدتم عليهنّ هذا العقد المخصوص. وقد روي عن جماعة من الصحابة منهم أبيّ بن كعب وابن عبّاس وابن مسعود أنّهم قرؤوا : فما استمتعتم به إلى أجل فآتوهن أجورهن». وهو نصّ على المطلوب. وممّا يدلّ أيضا على أنّه لا يجوز أن يراد بالاستمتاع التلذّذ والجماع ـ كما قالوه ـ أنّه لو كان كذلك ، لوجب أن لا يلزم المهر من لا ينتفع من المرأة ، وقد علمنا أنّه لو طلّقها قبل الدخول ، لزم نصف المهر. وأمّا أخبارنا ، فهي مشحونة ومتواترة بإرادة المتعة من هذه الآية. وفي كثير منها أنّ الآية نزلت : (إِلى أَجَلٍ) وحذفه الزنادقة كغيره. وكلامهم في هذه المسألة في غاية الاضطراب ؛ كما يظهر بالتتبّع. (فِيما تَراضَيْتُمْ). معناه ـ على ما ذهب إليه الجمهور من أنّ المراد بالاستمتاع والانتفاع والجماع ـ أنّه لا إثم عليكم فيما تراضيتم به من زيادة المهر أو نقصانه أو حطّه أو براءته. وقال السدّيّ ـ وهو الموافق لمذهبنا ودلّت عليه أخبارنا ـ : إنّه لا جناح عليكم فيما تراضيتم به من استئناف عقد آخر بعد انقضاء المدّة المضروبة في عقد المتعة يزيدها الرجل في الأجر وتزيده المرأة في المدّة.
[٢٥] (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(طَوْلاً). الطول : الغنى والزيادة. (١)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢١٠.