(وَلا تَنْكِحُوا) ؛ أي : لا تنكحوا التي نكحها آباؤكم. وإنّما ذكر (ما) دون من ، لأنّه أريد به الصفة. وقيل : ما مصدريّة على إرادة المفعول من المصدر. (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ). استثناء من المعنى اللّازم للنهي. وكأنّه قيل : تستحقّون العقاب بنكاح ما نكح آباؤكم إلّا ما قد سلف. أو من اللّفظ للمبالغة في التحريم والتقرير ؛ كقوله : ولا عيب فيهم» وقيل : الاستثناء منقطع ومعناه : لكن ما قد سلف فإنّه لا مؤاخذة عليه ، لا أنّه مقرّر. (١)
إذا كان من قبي ل ولا عيب فيهم يكون المعنى : إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف ، فانكحوه فلا يحلّ لكم غيره. وذلك غير ممكن والغرض المبالغة في تحريمه وسدّ الطريق إلى إباحته ؛ كما يعلّق بالمحال في قوله : حتّى تبيضّ القار ، وحتّى يلج الجمل في سمّ الخياط. (٢)
(إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ). إنّما استثنى ما قد مضى ليعلم أنّه لم يكن مباحا لهم. (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) ؛ أي : زنى. (وَمَقْتاً) ؛ أي : يورث بغض الله. (٣)
(إِنَّهُ). علّة للنهي. أي : إنّ نكاحهنّ كان فاحشة عند الله ما رخّص فيه لأمّة من الأمم ، ممقوتا عند ذوى المروّات. ولذلك سمّي [ولد] الرجل من زوجة أبيه المقتيّ. (ساءَ سَبِيلاً). أي سبيل من يراه ويفعله. (٤)
[٢٣] (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (٢٣))
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) ـ الآية. التحريم في هذه المواضع ينصرف إلى [الغرض الأصليّ المقصود من الذات التي تعلّق بها] التحريم ، لأنّه المقصود وهو تحريم نكاحهنّ. و
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٠٧.
(٢) الكشّاف ١ / ٤٩٣.
(٣) مجمع البيان ٣ / ٤٤.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٢٠٧.