البئر ودعوا أهله إلى الإسلام ، خرجت عليهم طوائف نجد ، فقاتلوهم حتّى قتلوا. والخطاب في قوله : (لا تَحْسَبَنَّ) للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، أو على معنى : لا تحسبنّ أيّها السامع. (قُتِلُوا). قرأ ابن عامر : (قُتِلُوا) بالتشديد. (فِي سَبِيلِ اللهِ) ؛ أي : الجهاد. (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ). يعني أنّه المالك لنفعهم وضرّهم. (يُرْزَقُونَ) من نعيم الجنّة غدوّا وعشيّا. وقيل : يرزقون النعيم في قبورهم. (١)
(عِنْدَ رَبِّهِمْ) : مقرّبون عنده ، ذوو زلفى. (يُرْزَقُونَ) [مثل] ما يرزق سائر الأحياء. (٢)
عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام قال يوما لأبي بكر : (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً). وأشهد أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مات شهيدا. والله ليأتينّك. فأيقن إذا جاءك. فإنّ الشيطان غير متخيّل [به]. فأخذ عليّ عليهالسلام بيد أبي بكر فأراه النبيّ صلىاللهعليهوآله. فقال له : يا أبا بكر ، آمن بعليّ وبأحد عشر من بعده من ولده أنّهم مثلي إلّا النبوّة. وتب إلى الله ممّا في يدك. فإنّه لا حقّ لك فيه. ثمّ ذهب فلم ير. (٣)
[١٧٠] (فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
(بِما آتاهُمُ اللهُ). أي من النعيم ، أو من الشهادة وثوابها. (لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ) من إخوانهم الذين فارقوهم وهم أحياء يقولون : إخواننا يقتلون كما قتلنا فيصيبون من النعيم مثل ما أصبنا. وقيل : معناه : لم يلحقوا بهم في الفضل إلّا أنّ لهم فضلا بالإيمان. (أَلَّا خَوْفٌ) : يستبشرون أن لا خوف عليهم. وذلك لأنّه بدل من قوله : (بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ) لأنّ الذين يلحقوا بهم مشتملون على عدم الحزن. فالاستبشار هنا إنّما يقع لعدم خوف هؤلاء اللّاحقين. ومعناه : لا خوف عليهم فيمن خلّفوه من ذرّيّتهم ، لأنّ الله يتولّاهم. ولا هم يحزنون على ما خلّفوا من أموالهم ، لأنّ الله قد أجزل ما عوّضهم. (٤)
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٨٠ ـ ٨٨٣ و ٨٧٩.
(٢) الكشّاف ١ / ٤٣٩.
(٣) الكافي ١ / ٥٣٢.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨٨٣.