ينزل علينا الوحي وهم مشركون؟ وقيل : إنّهم استنكروا ذلك لأنّه وعدهم بالنصر من الله إن أطاعوه. (مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) ؛ أي : ما أصابكم من الهزيمة والقتل من عند أنفسكم ؛ أي : لمخالفتكم الرسول صلىاللهعليهوآله في الخروج من المدينة للقتال يوم أحد. وكان دعاهم صلىاللهعليهوآله إلى أن يتحصّنوا بها فقالوا : بل نخرج نقاتلهم. أو : انّ ذلك باختيارهم الفداء من الأسرى يوم بدر وكان الحكم فيهم القتل وشرط عليهم أنّكم إن قبلتم الفداء قتل منكم في القابل بعدّتهم ، فقالوا : رضينا ؛ فإنّا نأخذ الفداء وننتفع به وإذا قتل منّا فيما بعد كنّا شهداء. عن الباقر عليهالسلام. وقيل : إنّ ذلك بخلاف الرماة يوم أحد لما أمرهم رسول الله صلىاللهعليهوآله به من ملازمة مراكزهم. (١)
[١٦٦] (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ)
(يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ) : يوم أحد لمّا التقى جمعكم وجمع المشركين ـ وكان قائدهم أبو سفيان ـ فهو كائن (فَبِإِذْنِ اللهِ) ؛ أي : بتخليته. استعار [الإذن] لتخليته الكفّار وأنّه لم يمنعهم منهم ليبتليهم ، لأنّ الآذن مخلّ بين المأذون له ومراده. (وَلِيَعْلَمَ) ؛ أي : ليتميّز المؤمنون والمنافقون وليظهر إيمان هؤلاء ونفاق هؤلاء. (٢)
[١٦٧] (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ)
(وَقِيلَ لَهُمْ). عبد الله بن أبيّ ومن كان من المنافقين نحوا من ثلاثمائة رجل انخزلوا يوم أحد. (٣)
(وَقِيلَ لَهُمْ). من جملة الصلة عطف على (نافَقُوا). ويجوز أن يقتصر الصلة على (نافَقُوا) ويكون (وَقِيلَ لَهُمْ) كلاما مبتدأ قسم الأمر عليهم بين أن يقاتلوا للآخرة كما
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٧٦ ـ ٨٧٧.
(٢) الكشّاف ١ / ٤٣٧.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٨٧٨.