يا محمّد. فقال : إنّه منّي وأنا منه. فقال جبرئيل : وأنا منكما. (١)
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا) ـ الآية. يعني : انّ الذين انهزموا يوم أحد ، إنّما كان السبب في انهزامهم أنّ الشيطان طلب منهم الزلل فأطاعوه واقترفوا ذنوبا لمخالفة النبيّ صلىاللهعليهوآله بترك المركز والحرص على الغنيمة أو الحياة فمنعوا التأييد وقوّة القلب. وقيل : استزلال الشيطان تولّيهم.
وذلك بسبب ذنوب تقدّمت لهم. فإنّ المعاصي يجرّ بعضها بعضا ، كالطاعة. وقيل : استزلّهم بذكر ذنوب سلفت منهم وكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة والخروج من الظلمة. (عَفَا اللهُ عَنْهُمْ) لتوبتهم واعتذارهم. (حَلِيمٌ) لا يعاجل بعقوبة المذنب كي يتوب. (٢)
[١٥٦] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
(كَالَّذِينَ كَفَرُوا) : عبد الله بن أبي سلول وأصحابه من المنافقين. (قالُوا لِإِخْوانِهِمْ) من أهل النفاق إذا سافروا في الأرض : (لَوْ كانُوا) مقيمين (عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ). معناه قالوا هذا القول ليثبّتوا المؤمنين عن الجهاد ، فلم يقبل المؤمنون ذلك وخرجوا ونالوا بالعزّ والغنيمة فصار حسرة في قلوبهم. واللّام للعاقبة. (٣)
(كَفَرُوا). يعني المنافقين. (لِإِخْوانِهِمْ) : لأجلهم وفيهم. ومعنى أخوّتهم اتّفاقهم في النسب أو المذهب. (لَوْ كانُوا). مفعول (قالُوا). وهو يدلّ على أنّ إخوانهم لم يكونوا مخاطبين به. (لِيَجْعَلَ اللهُ). متعلّق بقالوا ، على أنّ اللّام لام العاقبة. أو : لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول والاعتقاد ، ليجعله حسرة في قلوبهم خاصّة. فذلك إشارة إلى ما دلّ عليه قولهم من الاعتقاد. وقيل : إلى ما دلّ عليه النهي. أي : لا تكونوا مثلهم ليجعل الله انتفاء كونكم مثلهم
__________________
(١) جوامع الجامع ١ / ٢٥٢.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٦.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٨٦٧.