الابتداء. (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ). حال من الضمير في يقولون. أي : يقولون مظهرين أنّهم مسترشدون طالبون النصرة مبطلين الإنكار والتكذيب. (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ) كما وعد محمّد وزعم من الأمر كلّه لله ولأوليائه. (١)
(قُلْ لَوْ كُنْتُمْ) في منازلكم ـ أيّها المنافقون والمرتابون ـ وتخلّفتم عن القتال ، لخرج إلى البراز المؤمنون الذين فرض عليهم القتال صابرين محتسبين. أي : لو تخلّفتم عن القتال ، ما تخلّف المؤمنون. (٢)
(وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ) ؛ أي : ليمتحن ما في صدوركم وليظهر سرائرها من الإخلاص والنفاق. وهو علّة فعل محذوف. أي : وفعل ذلك ليبتلي. أو عطف على قوله : (لِكَيْلا تَحْزَنُوا). (لَبَرَزَ) ؛ أي : خرج الذين قدّر الله عليهم القتل وكتب في اللّوح المحفوظ إلى مصارعهم ولم ينفع الإقامة بالمدينة ولم ينج منهم أحد. فإنّه قدّر الأمور ودبّرها في سابق قضائه. (وَلِيُمَحِّصَ) ؛ أي : وليكشفه وليميّزه أو ليخلّصه عن الوساوس. (بِذاتِ الصُّدُورِ) ؛ أي : بخفيّاتها قبل إظهارها. وفيه وعد ووعيد وتنبيه على أنّه غنيّ عن الابتلاء وإنّما فعل ذلك لتمييز المؤمنين وإظهار حال المنافقين.(٣)
[١٥٥] (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا). ذكر البلخيّ أنّه لم يبق يوم أحد مع النبيّ صلىاللهعليهوآله إلّا ثلاثة عشر نفسا ؛ خمسة من المهاجرين وثمانية من الأنصار. وقد اختلف في الخمسة إلّا في عليّ عليهالسلام وطلحة. وعن الصادق عليهالسلام قال : نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى جبرئيل عليهالسلام بين السماء والأرض على كرسيّ من ذهب ، وهو يقول : لا سيف إلّا ذو الفقار ، ولا فتى إلّا عليّ. ويروى : نّ عليّا عليهالسلام كان يقاتل ذلك اليوم حتّى أصابه سبعون جراحة. فقال جبرئيل عليهالسلام : هذه [هي] المواساة
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٥.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٨٦٣.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٦.