[١٤٥] (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)
(بِإِذْنِ اللهِ) ؛ أي : بعلم الله. (١)
(إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ؛ أي : بمشيّته ، أو بإذنه لملك الموت في قبض روحه. والمعنى : انّ لكلّ نفس أجلا مسمّى في علمه تعالى وقضائه. (لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) بالإحجام عن القتال والإقدام عليه. وفيه تصريح وتشجيع على القتال ووعد للرسول صلىاللهعليهوآله بالحفظ وتأخير الأجل. (كِتاباً مُؤَجَّلاً). مصدر ؛ إذ المعنى : كتب الموت كتابا مؤجّلا ؛ أي : موقّتا لا يتقدّم ولا يتأخّر. (وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا) ـ الآية. تعريض بمن شغلتهم الغنائم يوم أحد. فإنّ المسلمين حملوا على المشركين وهزموهم وأخذوا ينهبون ، فلمّا رأى الرماة ذلك ، أقبلوا على النهب وخلّوا مكانهم ؛ فانتهز المشركون وحملوا عليهم من ورائهم فهزموهم. (الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها) ؛ أي : ثوابها. (الشَّاكِرِينَ) : الذين شكروا نعمة الله فلم يشغلهم شيء عن الجهاد. (٢)
(وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ). عن أبي جعفر عليهالسلام أنّه أصاب عليّا عليهالسلام يوم أحد ستّون جراحة وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بعث أمّ سليم وأمّ عطيّة [أن] تداوياه ، فقالتا : إنّا لا نعالج منه مكانا إلّا انفتق منه مكان وقد خفنا عليه. فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله والمسلمون يعودونه وهو قرحة واحدة. فجعل يمسحه بيده ويقول : إنّ رجلا لقي هذا في الله ، فقد أبلى وأعذر. فكان القرح الذي يمسحه رسول الله يلتئم. فقال عليّ عليهالسلام : الحمد لله إذ لم أفرّ ولم أولّ الدبر. فشكر الله له ذلك في موضعين من القرآن وهو قوله : (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)(٣)(وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ). (٤)
[١٤٦] (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٥١.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٣.
(٣) آل عمران (٣) / ١٤٤.
(٤) مجمع البيان ٢ / ٨٥٢.