أصحابه ، وقال : إنّي قتلت محمّدا. وصاح صائح : ألا إنّ محمّدا قد قتل. ويقال : إنّ ذلك الصائح كان إبليس لعنه الله. فقال أناس من أهل النفاق : إن كان محمّد قد قتل ، فالحقوا بدينكم الأوّل. (١)
(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) فسيخلو كما خلوا. وكما أنّ أتباعهم بقوا متمسّكين بدينهم بعد خلوّهم ، فعليكم أن تتمسّكوا بدينه بعد خلوّه. لأنّ الغرض من بعثة الرسل تبليغ الرسالة وإلزام الحجّة لا وجوده بين أظهر قومه. (٢)
(أَفَإِنْ ماتَ). إنكار لارتدادهم وانقلابهم على أعقابهم عن الدين لخلوّه بموت أو قتل بعد خلوّ الرسل قبله وبقاء دينهم متمسّكا به. وقيل : الفاء للسببيّة. والهمزة لإنكار أن يجعلوا خلوّ الرسل قبله سببا لانقلابهم على أعقابهم بعد وفاته. (فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ) بارتداده بل يضرّ نفسه. (٣)
(أَوْ قُتِلَ). ذكر سبحانه القتل مع أنّه لا يقتل ، بناء على تجويز أصحابه له. (٤)
أقول : يجوز أن يكون الترديد والإبهام بين الموت والقتل إشارة إلى ما ورد على النبيّ صلىاللهعليهوآله وكان سببا لموته. وذلك أنّه سقي السمّ مرّتين : أحدهما ما سقته إيّاه اليهوديّة الخيبريّة ؛ وهو أنّه طلبته للضيافة وكان عندها عنزة فحشتها سمّا ، وأكل منها وأمره جبرئيل عليهالسلام بالاحتجام فلن يضرّه في ذلك الوقت. وكان يخرج به جراحات بسببه. وثانيها : ما رواه الثقة العيّاشيّ طاب ثراه عن الصادق عليهالسلام من أنّ عائشة وصاحبتها سقتاه السمّ لما سمعتاه من بلوغ الخلافة والملك بعده إلى أبويهما فاتّفق الرجلان وابنتاهما على قتله ، ففعلا ما فعلا. (٥) وبالجملة فقد حصل عليه صلىاللهعليهوآله قتل وشهادة في صورة الموت.
(الشَّاكِرِينَ) على نعمة الإسلام بالثبات عليه كأنس وأحزابه ممّن بقي على الدين حين الحرب يوم أحد لمّا صاح الصائح : قتل محمّد صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٤٨ ـ ٨٤٩.
(٢) الكشّاف ١ / ٤٢٣.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٤) الكشّاف ١ / ٤٢٣.
(٥) تفسير العيّاشيّ ١ / ٢٠٠.