(أَمْ حَسِبْتُمْ). أم منقطعة. والاستفهام للإنكار. أي : أظننتم ـ أيّها المؤمنون ـ أنّكم تدخلون الجنّة ولمّا يجاهد المجاهدون منكم فيعلم الله جهادهم ويصبر الصابرون منكم فيعلم صبرهم على القتال. (١)
(وَيَعْلَمَ). نصب بإضمار أن ، على أنّ الواو للجمع. (٢)
[١٤٣] (وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)
(وَلَقَدْ كُنْتُمْ) يا أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله (تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ). وذلك أنّ قوما ممّن فاتهم شهود بدر ، كانوا يتمنّون الموت بالشهادة بعد بدر قبل أحد. فلمّا رأوه يوم أحد ، أعرض كثير منهم عنه ، فانهزموا ، فعاتبهم الله على ذلك. (تَلْقَوْهُ) [؛ أي :] الموت. (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) ؛ أي : الموت. يعني أسبابه. (٣)
[١٤٤] (وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ)
(وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ). يعني أنّه بشر قد مضت قبله رسل بعثوا فأدّوا الرسالة وماتوا وقتل بعضهم وانّه يموت كما ماتت الرسل قبله ، فليس الموت بمستحيل عليه ولا القتل. وقيل : أراد أنّ أصحاب الأنبياء لم يرتدّوا عند موتهم أو قتلهم ، فاقتدوا بهم. سبب نزولها أنّه لمّا أرجف بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد قتل يوم أحد ، قال أناس : لو كان نبيّا لما قتل. وقال آخرون : نقاتل ما قاتل عليه حتّى نلحق به. وارتدّ بعضهم وانهزم بعضهم. فكان سبب انهزامهم إخلال الرماة بمكانهم من الشعب. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله نهاهم عن الإخلال به. ورمى ابن قميّة الحارثيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بحجر فكسر رباعيته وشجّه في وجهه وأثقله ، وتفرّق عنه
__________________
(١) مجمع البيان ٢ / ٨٤٦.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨٢.
(٣) مجمع البيان ٢ / ٨٤٦ ـ ٨٤٧.