(هذا). إشارة إلى قوله : (قَدْ خَلَتْ) ومفهوم قوله : (فَانْظُروا). أي : إنّه مع كونه بيانا للمكذّبين فهو زيادة بصيرة وموعظة للمتّقين. أو إلى ما لخّص من أمر المتّقين والتابئين. وقوله : (قَدْ خَلَتْ) اعتراض للبعث على الإيمان والتوبة. (١)
(هذا) ؛ أي : القرآن. (بَيانٌ لِلنَّاسِ) ؛ أي : حجّة ودلالة لهم كافّة. وفيه إشارة إلى ما تقدّم من قوله : (قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ). أي : هذا الذي عرّفتكم بيان للناس. (٢)
[١٣٩] (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)
(وَلا تَهِنُوا) ؛ أي : لا تضعفوا عن قتال عدوّكم. (إِنْ كُنْتُمْ). متعلّق بلا تهنوا. (٣)
(وَلا تَهِنُوا) ـ الآية. قيل : نزلت تسلية للمؤمنين لما نالهم يوم أحد من القتل والجراح. وقيل : لمّا انهزم المسلمون في الشعب وأقبل خالد بن الوليد بخيل من المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآله : اللهمّ لا يعلنّ علينا. فأنزل الله هذه الآية وصعد المسلمون الجبل ورموا خيل المشركين حتّى هزموهم وعلا المسلمون الجبل. فذلك قوله : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ). وقيل : نزلت الآية بعد يوم أحد حين أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله أصحابه بطلب القوم وقد أصابهم من الجراح ما أصابهم. وقال صلىاللهعليهوآله : لا يخرج إلّا من شهد معنا بالأمس. فاشتدّ ذلك على المسلمين. فأنزل الله هذه الآية. ودليله قوله : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ). (٤)(الْأَعْلَوْنَ) : الغالبون عليهم في العاقبة والأعلون في المكان. (وَلا تَحْزَنُوا). قيل : من قتل الأخوان. (مُؤْمِنِينَ) ؛ أي : [إن كنتم] مصدّقين بوعدي لكم بالنصرة والظفر على عدوّكم ، فلا تهنوا ولا تحزنوا. (٥)
[١٤٠] (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨١.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٨٤٢.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٨١.
(٤) النساء (٤) / ١٠٤.
(٥) مجمع البيان ٢ / ٨٤٣.