على بني إسرائيل ومن قبلهم. (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ؛ أي : من بعد ما ألزمهم الحجّة. (هُمُ الظَّالِمُونَ) الذين لا ينصفون من أنفسهم ويكابرون الحقّ بعد ما وضح. (١)
[٩٥] (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٩٥))
(قُلْ صَدَقَ اللهُ). تعريض بتكذيبهم. أي : ثبت أنّ الله صادق فيما أنزل وأنتم الكاذبون. (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) ؛ أي : ملّة الإسلام التي هي في الأصل ملّة إبراهيم. أو : مثل ملّة إبراهيم ، حتّى تتخلّصوا من اليهوديّة التي اضطرّتكم إلى التحريف والمكابرة لتسوية الأغراض الدنيويّة وألزمتكم تحريم طيّبات أحلّها لإبراهيم ومن تبعه. (الْمُشْرِكِينَ). إشارة إلى وجوب اتّباعه في التوحيد الصرف لا كما يقولون عزير ابن الله والمسيح ابن الله والاستقامة في الدين والتجنّب عن الإفراط والتفريط ، وتعريض بشرك اليهود. (٢)
[٩٦] (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (٩٦))
(وُضِعَ لِلنَّاسِ) ؛ أي : وضع للعبادة. والواضع هو الله. (لَلَّذِي بِبَكَّةَ). وهي لغة في مكّة. وقيل : هي موضع المسجد. وبكّة البلد من بكّه إذا زحمه ، أو من بكّه إذا دقّه ، فإنّها تبكّ أعناق الجبابرة. روي أنّه صلىاللهعليهوآله سئل عن أوّل بيت وضع للناس ، فقال : المسجد الحرام ، ثمّ بيت المقدس وبينهما أربعون سنة. وقيل : أوّل من بناه إبراهيم. ثمّ هدم فبناه قوم من جرهم ، ثمّ العمالقة ، ثمّ قريش. وقيل : هو أوّل بيت بناه آدم. فانطمس في الطوفان. ثمّ بناه إبراهيم. وقيل : كان في موضعه قبل آدم بيت يقال له الصراخ (٣) ويطوف به الملائكة. فلمّا أهبط [آدم] أمر بأن يحجّه ويطوف حوله. ورفع في الطوفان إلى السماء الرابعة ويطوف به ملائكة السموات. وهو لا يلائم ظاهر الآية. لأنّها تدلّ على أنّه وضع لعبادة الناس. وقيل : إنّه أوّل بيت بالشرف لا بالزمان. (٤)
__________________
(١) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧٠.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧١.
(٣) المصدر : الضراح.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧١.