المؤنّث. (إِسْرائِيلَ) ؛ أي : يعقوب. (عَلى نَفْسِهِ) كلحوم الإبل وألبانها. قيل : كان [به] عرق النسا. فنذر إن شفي ، لم يأكل أحبّ الطعام إليه [وكان] ذلك أحبّه إليه. وقيل : فعل ذلك للتداوي بإشارة الأطبّاء. واحتجّ به من جوّز للنبيّ أن يجتهد. وللمانع أن يقول : ذلك بإذن من الله. فهو كتحريمه ابتداء. (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) ؛ أي : من قبل إنزالها مشتملة على تحريم ما حرّم عليهم لظلمهم وبغيهم عقوبة وتشديدا. وذلك ردّ على اليهود في دعوى البراءة ممّا نعى عليهم في قوله : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ)(١) وقوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ)(٢) ـ الآيتان ـ بأن قالوا : لسنا بأوّل من حرّمت عليه. وإنّما كانت محرّمة على نوح وإبراهيم ومن بعده حتّى انتهى الأمر إلينا ، فحرّمت [علينا] كما حرّمت على من قبلنا. وفي منع النسخ والطعن في دعوى الرسول موافقة إبراهيم بتحليله لحوم الإبل وألبانها. (٣)
قال : كان يعقوب يصيبه عرق النسا ، فحرّم على نفسه لحم الجمل. وذلك قبل أنّ تنزّل التوراة. فقالت اليهود : إنّ الجمل محرّم في التوراة. فقال الله : فقل : فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين. إنّما حرّم هذا إسرائيل على نفسه ولم يحرّمه على الناس. (٤)
[٩٤] (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
(فَاتْلُوها). أمر بأن يحاجّهم بكتابهم ويبكّتهم بما هو ناطق به من أنّ تحريم ما حرّم عليهم تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم لا تحريم قديم كما يدّعونه. فروي أنّهم لم يجسروا على إخراج التوراة وبهتوا وانقلبوا صاغرين. وفي ذلك الحجّة البيّنة على صدق النبيّ صلىاللهعليهوآله وعلى جواز النسخ الذي ينكرونه. (٥)
(فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ) : ابتدعه على الله بزعمه أنّه حرّم ذلك قبل نزول التوراة
__________________
(١) النساء (٤) / ١٦٠.
(٢) الأنعام (٦) / ١٤٦.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٧٠.
(٤) تفسير القمّيّ ١ / ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٥) الكشّاف ١ / ٣٨٦.