أرادوا أن يخرجوها من أموالهم ليتصدّقوا بها. فأبى الله إلّا أن يخرجوا من أطيب ما كسبوا. (١)
أقول : روي أن تلك المكاسب الخبيثة كانت من الربا في الجاهليّة.
(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) ؛ أي : لا تقصدوا الرديء من المال ممّا كسبتموه أو أخرج من الأرض. وقيل : المراد به الحرام. وقرأ ابن كثير : «ولا تيمموا» بتشديد التاء ، والباقون بالتخفيف. كلاهما بمعنى واحد. كأنّ ابن كثير ردّ الحرف الساقط في القراءة الأخرى وأدغم لأنّه كان في الأصل تاءان. (٢)
(إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا) أي إلّا [بأن] تتسامحوا في أخذه وتترخّصوا فيه. من قولك : أغمض فلان عن بعض حقّه ، إذا غضّ بصره. وقيل : إلّا أن توجدوا مغمضين. وعن ابن عبّاس : كانوا يتصدّقون بحشف التمر وشراره ، فنهوا عنه. (٣)
[٢٦٨] (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ)
(الشَّيْطانُ). عن عبد الرحمن قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي ربما حزنت فلا أعرف في مال ولا أهل وولد. فقال : إنّه ليس من أحد إلّا ومعه ملك وشيطان. فإذا كان فرحه ، كان دنوّ الملك منه. وإذا كان حزنه ، كان دنوّ الشيطان منه. وذلك قوله تعالى : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ) ـ الآية. (٤)
(يَعِدُكُمُ). يقول : لا تنفق مالك فإنّك تفتقر. (مَغْفِرَةً) ؛ أي : يغفر لكم إن أنفقتم لله. (وَفَضْلاً). قال : يخلف عليكم. (٥)
(بِالْفَحْشاءِ) ؛ أي بالإنفاق من الرديء. (٦)
(بِالْفَحْشاءِ) ؛ أي : يغريكم على البخل ومنع الصدقات إغراء الآمر للمأمور. والفاحش
__________________
(١) الكافي ٤ / ٤٨ ، ح ١٠.
(٢) مجمع البيان ٢ / ٦٥٦ و ٦٥٤.
(٣) الكشّاف ١ / ٣١٥.
(٤) علل الشرائع / ٩٣.
(٥) تفسير عليّ بن إبراهيم ١ / ٩٢.
(٦) مجمع البيان ٢ / ٦٥٧.