ثمّ إنّي طلبت الإذن من السلطان في السفر إلى الحويزة. فلم يأذن لي وقال : إذا خرجت أنت من بيننا ، ما يبقى معي أحد. فبقينا في الحصار أربعة أشهر تقريبا ، فأتى شهر الله شهر رمضان فسافرت إلى الحويزة وكنت أنتظر الأخبار. فلمّا كان ليلة الحادية عشرة من ذلك الشهر وهي ليلة الجمعة ، خاف سلطان البصرة من خيانة عسكره وفرّ هاربا إلى الدورق.
فبلغ الخبر إلى أهل الجزائر طلوع فجر يوم الجمعة ، ففرّت النساء والرجال والأطفال والشيوخ والعميان وكلّ من كان ذلك الإقليم طالبين الحويزة ، وبينهم وبينها مسير ثلاثة أيّام ، لكنّها مفازة لا فيها ماء ولا كلاء بل أرض يابسة. فمات من أهل الجزائر في تلك المفازة عطشا وجوعا وخوفا ما لا يحصي عددهم إلّا الله تعالى. وكذلك العسكر الذي في القرنة قتل منه أيضا خلق كثير. والحاصل أنّ من شاهد تلك الواقعة عرف أحوال يوم القيامة.
وأمّا سلطان الحويزة قدّس الله روحه وهو السيّد علي خان ، فأرسل عساكر لاستقبال أهل الجزائر وأرسل لهم ماء وطعاما. جزاه الله عنهم كلّ خير. ثمّ إنّنا أقمنا عنده في الحويزة شهرين تقريبا وسافرنا إلى إصفهان لكن من طريق شوشتر.
فلمّا وصلنا شوشتر ، رأينا أهلها من أهل الصلاح والفقر ويودّون العلماء. وكان فيهم رجل سيّد من أكابر السادة اسمه ميرزا عبد الله. فأخذنا إلى منزله وعيّن لنا كلّ ما نحتاج إليه. والآن هو قد مضى إلى رحمة الله ، لكنّه أعقب ولدين السيّد شاه مير والسيّد محمّد مؤمن وفيهما من صفات الكمال ما لا يحصى مع صغر سنّهما ، ولا وجد في العرب والعجم أكرم منهما ولا يقارب أخلاقهما. وفّقهما الله تعالى لجميع مراضيه. ثمّ إنّ والدهما أرسل إلى أهلنا من الحويزة. ولمّا جاؤوا عيّن لهم منزلا وكلّ ما يحتاجون إليه. فبقينا في شوشتر تقريبا من ثلاثة أشهر وسافرنا إلى إصفهان على طريق ديه دشت وبقي الأهل في شوشتر. فلمّا قدمنا ديه دشت ، أخذنا حجرة في الخان وجلسنا بها. ثمّ بعد ساعة قلت لواحد من الرفقاء : اذهب وانظر لعلّ لنا فيها صديقا يأخذ لنا منزلا إلى كم يوم.
فلمّا خرج أتى برجل سيّد كان يقرأ عندي في إصفهان. فلمّا رآني فرح فرحا شديدا و