قال : إنّ جماعة من تلاميذك من سكّان هذه البلاد فأخبرهم. وكانوا هم سادات ديه دشت فأخذوا لنا منزلا. وكان الحاكم في تلك البلاد محمّد زمان خان ، وكان عالما كريما سخيّا لا يقارب في الكرم. فلمّا سمع بنا ، أرسل وزيره وعيّن لنا ما نحتاج إليه وما لا نحتاج إليه. فطلبنا الحاكم في يوم آخر. فلمّا وردنا عليه قال لي : سمعت أنّك شرحت الصحيفة. قلت : نعم. فقال : إنّ في دعاء عرفة فقرة كيف شرحتها؟ فقلت : ما هذه الفقرة؟ قال : هي قوله عليهالسلام : «تغمّدني فيما اطّلعت عليه منّي بما يتغمّد به القادر على البطش لو لا حلمه.» فذكرت له وجوها ثلاثة في حلّها. فقال لي : أحد هذه الوجوه خطر بخاطري. والآخر خطر بخاطر الآقا حسين الخوانساريّ. فاستحسنها وشرعنا في المباحثة ، وكنت أحترمه في الكلام. فجلس على ركبتيه ورمى حلّته من فوق ظهره وقال : تكلّم كما كنت تتكلّم في المدرسة مع طلبة العلم ولا تحتر مني. فتباحثنا وكنت أنقله من علم إلى علم ، وكان يسبقني في الكلام إلى ذلك العلم ، حتّى جاء وقت صلاة الظهر فقطعنا الكلام. ثمّ عدنا إلى المباحثة يوما آخر وكنت في بلاده ثلاثة أشهر تقريبا على هذا الحال. فما رأيت أحدا أفهم منه ولا أفصح منه لسانا. وأمّا في جانب الكرم وإمداد العلماء والفقراء ، فحاله فيه مشهور.
ولمّا استأذنّا منه على السفر إلى إصفهان ، أحسن إلينا غاية الإحسان. فلمّا سافرنا إلى إصفهان ، فانظر إلى ما جرى عليّ في الطريق ، وهو : انّنا لمّا وصلنا إلى منزل قبل منزل كنار سقاوة ، نزلنا في منزل وكان في غاية النزاهة من جهة الماء الجاري والأشجار والأنهار فحصل لنا نهاية الانتعاش. فقلت في خاطري : أعوذ بالله من فرح هذا اليوم. لأنّي عوّدت روحي إن أفرح اليوم ، ألقى بعده حزنا طويلا. فلمّا جاء وقت الركوب ، ركبنا فانتهينا إلى بقعة في كنار سقاوة ، وكان معنا رفقاء يمشون وواحد منهم أطرش. فلمّا تقدّمنا ، جلس في وسط الطريق تحت صخرة ، فجئت أنا وأخي ونحن ركوب. فلمّا وصلت الخيل إليه ، فاجأها بالقيام فنفرت ونحن لا نعلم ، فألقتني الدابّة على صخرة عظيمة. فلمّا أفقت ، رأيت أنّ يدي اليسرى قد عرض لها الصدع العظيم. فأتاني الرفقاء وشدّوها. وبقيت إلى إصفهان كلّ يوم