لهم من دعائك إيّاهم إلى الإيمان إلّا السماع دون تفهّم المعنى. لأنّهم يعرضون عن قبول قولك وينصرفون عن تأمّله فيكونون بمنزلة من لم يعقله ولم يفهم. هذا قول ابن عبّاس. وهو المرويّ عن أبي جعفر عليهالسلام. (١)
(كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ) ـ الآية. التأويل : الذين كفروا لم يسمعوا إذ خاطبهم الحقّ بقوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) إلّا دعاء ونداء. لأنّهم كانوا في الصفّ الأخير من الأرواح المتجنّدة في أربعة صفوف : الأوّل للأنبياء ، الثاني للأولياء ، الثالث للمؤمنين ، الرابع للكافرين. فما شاهدوا شيئا من أنوار الحقّ ولكنّهم قالوا بالتقليد : (بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا). (٢)
[١٧٢] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)
(وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) على ما رزقكم (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) : إن صحّ أنّكم تخصّونه بالعبادة وتقرّون أنّه مولى النعم. فإنّ عبادته لا تتمّ إلّا بالشكر. وعنه صلىاللهعليهوآله يقول الله : إنّي والجنّ والإنس في نبأ عظيم ؛ أخلق ويعبد غيري ، وأرزق ويشكر غيري. (٣)
[١٧٣] (إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
(إِنَّما حَرَّمَ) ـ الآية. قصّر التحريم على المذكورات بالإضافة إلى ما حرّمها المؤمنون معها من المستلذّات والكفّار دونها من السائبة والوصيلة والبحيرة. فيصحّ القصر إفرادا وقلبا إضافة وإن لم يصّح حقيقة لوجود محرّمات أخر. (عصام)
(الْمَيْتَةَ). أبو جعفر : (الْمَيْتَةَ) مشدّدة كلّ القرآن. وقرأ أهل الحجاز والشام والكسائيّ : (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ) بضمّ النون وأبو جعفر منهم بكسر الطاء : «من اضطر» ، والباقون
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٤٦٣.
(٢) تفسير النيسابوريّ ٢ / ١١١.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ١٠٠ ، والكشّاف ١ / ٢١٤.