[١٤١] (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ)
(تِلْكَ أُمَّةٌ). تكرير للمبالغة في التحذير والزجر عمّا استحكم في الطباع من الافتخار بالآباء والاتّكاء عليهم. وقيل : الخطاب فيما سبق لهم وفي [هذه الآية لنا تحذيرا](١) عن الاقتداء بهم. وقيل : المراد بالأمّة في الأوّل أنبياء ، وفي الثاني أسلاف اليهود والنصارى. (٢)
[١٤٢] (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)
(السُّفَهاءُ) ؛ أي : الخفاف الأحلام. وهم اليهود ؛ لكراهتهم التوجّه إلى الكعبة فإنّهم لا يرون النسخ. وقيل : المشركون ؛ قالوا : رغب عن قبلة آبائه ثمّ رجع إليها. والله ليرجعنّ إلى دينهم. فإن قلت : أيّ فائدة في الإخبار بقولهم قبل وقوعه؟ قلت : فائدته أنّ مفاجأة المكروه أشدّ والعلم به قبل وقوعه أبعد من الاضطراب إذا وقع لما يتقدّمه من توطين النفس. (ما وَلَّاهُمْ) : ما صرفهم (عَنْ قِبْلَتِهِمُ) وهو بيت المقدس. (٣)
عن الحسن العسكريّ عليهالسلام قال : لمّا كان رسول الله صلىاللهعليهوآله بمكّة ، أمره الله أن يتوجّه إلى نحو بيت المقدس في صلاته ويجعل الكعبة بينه وبينها إذا أمكن ، وإذا لم يتمكّن استقبل بيت المقدس. فكان رسول الله يفعل ذلك طول مقامه بها ثلاث عشرة سنة. فلمّا كان بالمدينة ، استقبل بيت المقدس وانحرف عن الكعبة سبعة عشر شهرا. وجعل قوم من مردة اليهود يقولون : ما يدري محمّد كيف يصلّي حتّى صار يتوجّه إلى قبلتنا. فاشتدّ ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآله فكره قبلتهم وأحبّ الكعبة. فجاءه جبرئيل ، فقال له : يا جبرئيل ، لوددت لو صرفني الله عن بيت المقدس إلى الكعبة. فقد تأذّيت من قبل اليهود من قبلتهم. فقال جبرئيل : أسأل ربّك أن يحوّل إليها. فإنّه لا يردّك عن طلبتك. فلمّا استتمّ دعاؤه ، صعد
__________________
(١) في النسخة : (الآية تحذير) بدل ما بين المعقوفتين.
(٢) تفسير البيضاويّ ١ / ٩١.
(٣) الكشّاف ١ / ١٩٨.