جبرئيل ، ثمّ عاد من ساعته فقال : اقرأ يا محمّد : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) ـ الآيات. فقال اليهود عند ذلك : (ما وَلَّاهُمْ) ـ الآية. فأجابهم الله بأحسن جواب فقال : (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) وهو يملكهما. وتكليفه التحوّل عن جانب إلى جانب كتحويله لكم من جانب إلى جانب آخر. (يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) يؤدّيهم بطاعتهم إلى جنّات النعيم. وقال عليهالسلام : جاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالوا : يا محمّد ، هذه القبلة بيت المقدس قد صلّيت إليها أربع عشرة سنة ثمّ تركتها الآن. فإن كان حقّا ، فقد عدلت من حقّ إلى باطل. وإن كان باطلا ، فقد كنت عليها طول هذه المدّة. فما يؤمننا أن تكون الآن على باطل؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بل ذلك كان حقّا وهذا حقّ. يقول الله : (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ) ـ الآية. إذا عرف صلاحكم ـ يا أيّها العباد ـ في استقبال المشرق ، أمركم به. وكذا المغرب وغيرهما. فلا تنكروا تدبير الله في عباده. (١)
(مَنْ يَشاءُ إِلى). بهمزتين عاصم وحمزة. والباقون بقلب الثانية واوا. (٢)
(مُسْتَقِيمٍ). وهو ما يقتضيه المصلحة من التوجّه إلى بيت المقدس تارة وإلى الكعبة أخرى. (٣)
[١٤٣] (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ)
(وَكَذلِكَ). إشارة إلى مفهوم الآية المتقدّمة. أي : كما جعلناكم مهديّين إلى الصراط المستقيم ، أو جعلنا قبلتكم أفضل القبل ، (جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً) ؛ أي : خيارا أو عدولا. (٤)
__________________
(١) الاحتجاج ١ / ٤٣.
(٢) تفسير النيسابوريّ ٢ / ٣.
(٣) تفسير البيضاويّ ١ / ٩١.
(٤) تفسير البيضاويّ ١ / ٩٢.