(بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ). أي من المعاصي والقبائح وتكذيب الكتاب والرسول. وأضاف ذلك إلى اليد ، لأنّ الغالب على الجنايات حصولها باليد. (١)
(عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ). زجر لهم. وقيل : معناه : انّ الله عليم بالأسباب التي منعتهم عن تمنّي الموت. وعنه صلىاللهعليهوآله : انّ اليهود لو تمنّوا الموت ، لماتوا. وهذه القصّة شبيهة بقصّة المباهلة. (٢)
[٩٦] (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ)
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ). هو من وجد بمعنى علم المتعدّي إلى مفعولين. وإنّما قال : (عَلى حَياةٍ) بالتنكير ، لأنّه أراد حياة مخصوصة وهي الحياة المتطاولة. ولذلك كانت القراءة بها أوقع من قراءة أبيّ : على الحياة». (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا). محمول على المعنى. [لأنّ معنى](أَحْرَصَ النَّاسِ) أحرص من الناس. وإنّما أفرد الذين أشركوا مع دخولهم تحت الناس ، لأنّ حرصهم شديد. ويجوز أن يراد : وأحرص من الذين أشركوا ، فحذف لدلالة (أَحْرَصَ النَّاسِ) عليه. وفيه توبيخ عظيم. لأنّ الذين أشركوا لا يؤمنون بعاقبة ولا يعرفون إلّا الحياة الدنيا ، فحرصهم عليها لا يستبعد ، لأنّها جنّتهم ، فإذا زاد عليهم في الحرص من له كتاب وهو مقرّ بالجزاء ، كان حقيقا بأعظم التوبيخ. وإنّما زاد حرصهم على حرص المشركين ، لأنّهم علموا لعلمهم بحالهم أنّهم صائرون إلى النار لا محالة والمشركون لا يعلمون. وقيل : أراد بالّذين أشركوا المجوس ، لأنّهم كانوا يقولون لملوكهم : عش ألف نيروز وألف مهرجان. وعن ابن عبّاس : هو قول الأعاجم : زي هزار سال. وقيل : (وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) كلام مبتدأ. أي : ومنهم ناس يودّ أحدهم ، على حذف الموصوف. والذين أشركوا ، على هذا ، مشار به إلى اليهود ، لأنّهم قالوا : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ)(٣) ليكون من باب إقامة المظهر مقام المضمر. (وَما هُوَ). الضمير لأحدهم. و (أَنْ يُعَمَّرَ) فاعل (بِمُزَحْزِحِهِ). أي : وما أحدهم بمزحزحه تعمير ألف
__________________
(١) مجمع البيان ١ / ٣٢٠.
(٢) مجمع البيان ١ / ٣٢٠ ـ ٣٢١.
(٣) التوبة (٩) / ٣٠.