ماؤها في بعض الأحيان ، وإنما تتكون في المحال التي تبقى فيها المياه الراكدة على الدوام ، وفي عمق قليل الغور ، وهذا الجسم يسمى عندهم ب «التورب» ، وتكونه ينشأ خصوصا عن تراكم النباتات الخلوية المغمورة في الماء على الدوام ، وهي تتكاثر بسرعة كأنواع النباتات المائية ، فهي التي تتكون منها العجينة الأصلية للرسوب ، أي المادة التي تحيط بجميع النباتات المائية ، وربما ساعدتها في تحللها ، ويضاف إليها عدة نباتات أرضية جذبتها مياه الأنهار ، وكثيرا ما توجد أشجار كبيرة مندفعة في غور مختلف منها وخصوصا نحو جزئها السفلي ، فتوجد متراكمة على الرمل والطفل اللذين يتكون منهما الرسوب ، وأحيانا تكون هذه الأشجار موضوعة وضعا عموديا ، والغالب أنها تتكسر في مكانها بقرب جذورها المثبتة في قاع ذلك المكان الذي تكون فيه «التورب» ، وأحيانا تكون هذه الأشجار كثيرة العدد ملقاة في تجاه واحد فكأنها تنشأ عن غابات تامة اندفنت في المكان الذي كانت ثابتة فيه قبل تكون «التورب» وهي تنتسب إلى نباتات عصرنا هذا ، وهي أشجار راتنجية وأنواع من البلوط ، وقد تكون من أنواع لسان العصفور ، فالأشجار الراتنجية باقية على حالتها الطبيعية تقريبا ؛ لأنها حافظة لصلابتها ، لكن لما جفت واستحالت إلى غبار ، اسودت ، ويوجد في الفجوات التي يتولد فيها «التورب» بقايا حيوانات ثديية ، وهي عظام البقر وقرون الإيل ونحو ذلك ، والفجوات التي يتولد فيها ، «التورب» تركز على أنواع مختلفة من الأراضي ، وأحيانا تركز على المتبلور ، وفي جميع الأحوال يندر أن لا تكون مبتدئة برسوبات من رمل أو طفل أو بزلط ، ومن المواد التوربية ما تكون فيها بقايا النباتات المتراكمة على بعضها كتلة واحدة مختلفة الثخن ، أكثر اسودادا واندماجا نحو جزئها السفلى ، ومنها ما يكون على شكل طبقات منفصلة عن بعضها برسوبات مختلفة الثخن مكونة من الرسوبات المتوالية التي غطتها ، وهذه الرسوبات مكونة من رمل ومارن حجري جيري أو طفلي ، وتحتوي على كثير من قواقع المياه العذبة والقواقع الأرضية التي جذبتها مياه الأنهر ، وكثيرا ما يكون سطح «التورب» مغطى بالمياه ، وقد يكون مغطى أيضا بأرض تنبت فيها نباتات مختلفة تناسبها الرطوبة ، وقد قدمنا أن «التورب» لا يتكون إلا تحت المياه القليلة الغور ، لكن هناك رسوبات من «التورب» ثخنية جدا فالظاهر أنها تكونت في أحوال مخصوصة ، فالأماكن التي توجد فيها هذه الرسوبات ، حصل فيها على غلبة الظن متتابع في أثناء تكونها والذى يدل على ذلك طبقات الأرض النباتية التي في «التورب» والأشجار المقلاة في قاع المواد التوربية ، فكأنها غابات وقعت في محلها ، فهذه أحوال يعرض فيها جفاف الأرض زمنا ، ثم انغمارها بالمياه زمنا آخر ، وهكذا ، والمواد التوربية كثيرة الانتشار على سطح الأرض فتكون متوزعة أخواصا مختلفة الاتساع في جميع الارتفاعات شاغلة لتجاويف الأرض المختلفة ، فيوجد منها على قمم جبال