مختلفة. ثم تنازعوا فيما تنسب له تلك التغذية ، أهي منسوبة للصفات المغذية التي في هذا الماء ، أو للمادّة اللبنية (التي هي على حسب رأيهم محوية فيه دائما) واستندوا في رأيهم على أن الحيوانات الصغيرة التي تغمس فيه تعيش زمنا أطول منه إذا غمست في الماء العام ، وأنه يكون أكثر مقدارا وتحملا للأصول المغذية كلما كان الحمل أقل تقدّما ، وأن قوة تشرب الأسطحة الجلدية للجنين تكون أقل وضوحا كلما قرب ذلك الجنين لكماله ، وأن بعض الأجنة ولد حيا بدون حبيل سري ، ولا حاجة لإطالة الكلام ، والمباحث في تلك الأدلة ونهاية ما ننبه عليه هنا هو أنه لم يثبت أن (الأمنيوس) مغذ في ابتداء الحمل أكثر من آخره ولا أن الجنين يتشرب في زمن أكثر من آخر وأما المشاهدات التي فيها عدم وجود الحبيل السري أو تمزقه مع التحام طرفيه فهي بعيدة عن الحق غير جيدة الشرح فلا يوثق بها ، وأما من زعم أن تلك المياه تمتص بالسطح الجلدي ، أو أنه رأى أوعية لينفاوية مملوءة بسائل يشبه الأمنيوس وتمتلئ زيادة إذا غمس عضوها في هذا السائل بعد أن فعل فيه اختناق فنقول له ما الذي ينتج من ذلك على فرض صحة المشاهدة ؛ إذ كثيرا ما توجد تلك الأوعية مملوءة دائما بمادّة مصلية وقد شوهد أيضا تمدّدها إذا تعطل سير الدم في جزء من عضو وفي كله وبعضهم استند على رأي «بقراط» وتمسك بأن الجنين يتغذى بفمه ؛ لأن له دائما معدة مملوءة بمادة لبنية ومعه فضلات في الأمعاء ، وأنه بعد الولادة وقبل الرضاع يتقيأ غالبا عصارة مبيضة وأنه يمص الأصبع التي تقدّم له حتى في باطن أعضاء التناسل ولا يخدم البطن للهضم إذا لم يكن معتادا من زمن طويل على ذلك ، ولقد أغرب هذا القائل حيث قال أيضا : إن الجنين يأخذ غذاءه أوّلا من السائل المنوي المذاب ثم من العصارة اللبنية المحوية في ماء «الأمينوس» ومن هذا القبيل أيضا ما ذكره بعضهم من أنه كثيرا ما وجد السائل الأمنيوسى في معدة كثير من الأجنة ، وما ذكره أيضا بعضهم في بقرة ميتة متجلدة فم جنينها ومريئه ومعدته مملوءة بقطع متجلدة متصلة بالسائل الأمنيوسي ، وشاهد كثيرون كتلا حريرية في العقي ؛ ولا يمكن أن تدخل هذه الموادّ في القناة الهضمية إلا بالازدراد ، وبعضهم شاهد الأوعية اللبنية مملوءة ب «الكليوس» وقد شوهد عن قريب جنين أمعاؤه مقسومة قسمين قرب الأعور ، وكان معه في الجزء العلوي من الأمعاء المجاورة للمعدة عقي ، وأما الأمعاء الغلاظ فكانت مسدودة بالكلية ، وذكر بعضهم مشاهدة كانت فيها القناة الغذائية كأنها مختنقة قرب البوّاب ولا تحتوي على العقي إلا من أعلى الاختناق واتفق في تجربة بعضهم أنه لوّن (الأمنيوس) من كلية بالحبر فوجده في مريء جنينها وبطنه بعد فتح بطنها ، وقد شاهدوا مثلها مائة حالة ، ولكن نقول : هذه الأدلة غير منتجة ؛ لأن بعضها غير مراع فيه التدقيق والتحقيق ، وبعضها معارض بمشاهدات أخرى وهذه واحدة منها فقد شرّح جنين كامل الأشهر فوجد أن مريئه قد انته بالانسداد بالكلية عند