«المبحث الثالث في الميلاد المتأخر» :
زمن نهاية الحمل في البهائم مختلف كما علم ذلك بالمشاهدات الصحيحة ومثل ذلك النساء ، ولعل ذلك ناشئ من اختلاف اعتياداتهنّ وأمزجتهنّ ، ومن الأمثلة الدالة على ذلك ما ذكره بعضهم في امرأة ذات ثلاثة أولاد اختل عقلها بسبب حصول حمى ثقيلة لها ، واستعمل لها جميع الوسائط الصحية والعلاجية بدون منفعة ، فتوهم طبيب من الأطباء أنه إذا حصل لها حمل جديد جاز أن ترجع لها قواها العقلية ، فرضي زوجها بذلك وصار يعدّ اليوم الذي يقع فيه الوقاع ويجعل بين كل وقاعين ثلاثة أشهر حتى لا يحصل تكدر في العلوق ؛ وكانت تلك المرأة محفوظة بخدمتها وعندها ديانة وعفة وأخلاق جميلة تحملها على العفة والصيانة ، ولم تحصل ولادتها إلا في تسعة أشهر ونصف شهر وقد وقع للأطباء أيضا بحث وتفتيش عظيم في ذلك ومع ذلك ، لم يتوافقوا على زمن ثابت للوضع ، واستنتج بعضهم من أبحاث كثيرة أن زمن الحمل يختلف من ستة أشهر إلى أحد عشر شهرا وثمانية أيام ، وذكر بعضهم أن امرأة ولدت في ثلاثمائة وثلاثة وثمانين يوما ، وأمثلة التأخير كثيرة ، ويمكن أن نستنتج منها أن الميلاد المتأخر لا ينكر ولا يمكن تحديد نهايته مع أن هذا المبحث (٣) عدم منه ما هو أهم للعلماء أن يبحثوا فيه ، وهو ما يقال : هل يعيش الجنين فوق التسعة أشهر في بطن أمه وإلى كم تنتهي معيشته فالجواب هو غير معلوم ، وهذا المبحث يأتي له بقية.
«المبحث الرابع في الميلاد المعجل» :
إذا كان من المعلوم لنا أن الثمار تنضج في بعض الأقاليم قبل أن تنضج في غيرها ، وأن الأقوات قد يعجل حصادها في بعض البلاد وأن الأزهار قد تبرز والاستنبات قد يتقدّم وفقس بيض الدجاج يختلف من ثمانية عشر يوما إلى خمسة وعشرين ، وأن الهرة التي مدّة حملها تسعة أسابيع قد تلد قبل ذلك بتسعة أيام ، وأن أربع عشرة بقرة من مائة واثنتين وستين ولدن في مائتين وأحد وأربعين يوما إلى مائتين وستة وستين يوما ، وأنّ ست أفراس من مائة وثنتين ولدن من ثلاثمائة يوم وأحد عشر يوما إلى ثلاثمائة وستة وعشرين يوما مع أن وقت وضعهن الاعتيادي ثلاثمائة وثلاثون يوما ، فلأي شيء لا تكون مدّة الحمل في النساء قابلة ؛ لأن تتقدّم أو تختصر مع أنه لا يجهل أحد أن بعض الأجنة قد يكون أكثر نموا وقوّة في ستة أشهر من آخر ، له سبعة أشهر أو أكثر وأن بعضهم عند الولادة التامة إلا شهر قد يكون أقل حجما وطولا
__________________
(٣) قوله : مع أن هذا المبحث ... إلخ. كذا بالأصل ، وانظر ما معناه. اه.