عمقها ، وتلك الثنية أو الأثرة المسماة بالجسم الأصغر ، والظاهر أنها المختار عند «بريقوس» «ودوماس» قال علماء هذا الفن : وتحقيق هذين القولين يحتاج لتفتيش جديد قال بعضهم : إني شاهدت في مبيض النساء حتى قبل التلقيح كتلة كصفرة ، بل كتلا في حجم بسلة ، وتارة كبندقة ، وبعد شقها شاهدت فيها أحيانا حالة فجاجة كدرنة رئوية غير لينة وتارة كمنظر مادّة متجمدة محببة تلتصق بما يلامسها ، وتارة كمنظر ليس يأخذ في اللين من مركزه إلى دائرته ، والبذور الذي تحصل منها على سطح المبيض تارة تكون عظيمة جدا فإذا تمزقت عند كمالها حصل منها تجويف لا يلتحم إلا ببطء ، ويترك بعده انخفاضا عميقا يكون أثر يدل على وجودها فيه قبل ، وما يحصل لبذرة يمكن حصوله بثنتين أو ثلاث أو أكثر ، وسواء حصل انتشار البذرة بواسطة الاضطراب الذي يحصل حالة الجماع ، أو بثوران كهربائي ، أو ببخار منوي أو بحيوانات صغيرة أو بأيّ عنصر كان من المادّة المنوية فيلزم بعد كل تلقيح أن يفصل من المبيض بذرة يحصل منها حالا مهما كان تنوعها كائن مشابه للكائن المنتج لها سواء وصل عنصر المني باستقامة إلى نطفة المرأة ، أو لم يصل إلا بعد أن دخل في الدورة العامة ، فهذا ما ثبت من المشاهدات ، ولا يعرف منها أزيد من ذلك.
(المرتبة الثالثة) :
قوله تعالى : (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً) [المؤمنون : الآية ١٤]. أي حولنا النطفة عن صفاتها إلى صفات العلقة ، وهي المني السائل ، فتشاهد داخل الرحم في أزمنة مختلفة جدّا نقطة صغيرة أصلية مظلمة في وسط سائل شفاف ، تحتوي عليه البذرة ، وتلك النقطة على رأي العلماء ملتصقة بلفائفها ، وعلى رأي بعضهم سائبة سابحة في وسط هذا السائل ، وفيه مباحث :
(المبحث الأول في تكون العلقة):
اعلم أنه لم يحقق إلى الآن وقت ظهور البذرة في الرحم ، قال «بقراط» : إنها في اليوم السادس تصير كرة صغيرة شفافة في وسط سائل شفاف ، ورأي بعضهم أنها لا تشاهد إلا بعد خمسة عشر يوما ، وبعض المؤلفين الذين مشوا على مذهب القدماء في أن التلقيح يحصل في الرحم قالوا : إن البذرة تتكون أوّلا ثم الأغشية ، وبعضهم عكس الحال لكن ثم يعين أحد منهم اليوم الذي يمكن فيه مشاهدة العلقة في الرحم ، ووقعت تجربات كثيرة ، فهم منها أنه لا بدّ لنقل البذرة من المبيض على الرحم من بعض أيام ، ولكن لم يعلم أهل هذا الزمن واحد لجميع أفراد كل نوع من الحيوانات ، والظاهر أن هذا الدور ثلاثة أيام للأرنب ، ومن سنة إلى