في اللؤلؤ أنه لا يخرج إلا من البحر المالح فنقول فيه وجهان :
(أحدهما) : أن الصدف لا يتولد فيه اللؤلؤ إلا من سائل يفرز من الحيوان ، وينصب في محلين أحدهما البرنس.
(والثاني) : ثنيات على جانب البرنس في محل مركز داخل الغلاف ثانيهما أنه يتولد من ملتقاهما بالقرب من مصب الخلجان.
(المسألة الثالثة) :
أي نعمة عظيمة في اللؤلؤ والمرجان حتى يذكرهما الله تعالى مع نعمة القرآن وخلق الانسان ، وفي الجواب قولان :
(الأول) : أن نقول النعم منها خلق للضروريات ، كالأرض التي هي مكاننا ولو لا الأرض لما أمكن وجود التمكن ، وكذلك جملة أراضي ما بقي من أصداف حيوانات اللؤلؤ والمرجان وفيه هاهنا بحثان :
(البحث الأول) :
إن جميع غلافات الحيوانات الصدفية أغلبها مكون من الطباشير ، وأن أصل هذا الملح الجيري الطباشيري الذي تتكون منه الآن كتلة عظيمة من الأرض ، ويدخل منه في الطبقات الأرضية مقدار عظيم ، وهذا الملح يأتي إلى سطح الأرض من المياه الحارة التي نبع مقدار عظيم منها من شقوق الأرض.
(البحث الثاني) :
اعلم أن مركز الأرض هو الينبوع الأعظم لجميع المواد التي تتكون منها طبقاتها الأرضية ، وأن باطن الأرض تحصلت منه المواد الصلبة المختلفة التي تكونت بواسطة الطفح والصخور والغازات وغيرها ، وكذلك انقذفت منه على سطح الأرض مياه في حالة الغليان مشحونة بهذا الملح المصحوب بجواهر أخر ، فإن قيل كيف تكونت هذه الأراضي من هذا الملح الجيري الذائب في المياه الحارة؟ قلنا : لما كان البحر مغطيا أغلب سطح الكرة الأرضية في الأزمان الأولية كانت المياه الحارة المشحونة بالملح الجيري تستفرغ في باطن هذه المياه بالضرورة فصارت مياه البحر محتوية على مقدار عظيم من هذا الملح ، فاستولت الحيوانات العديدة التي كانت تعيش في البحار الأصلية خصوصا الحيوانات النباتية والحيوانات الرخوة ذات الأصداف على هذا الملح من مياه البحر ، لتكوين غلافاتها ، وكانت هذه