طبعهما ، وعلى هذا يلتقيان حال من البحرين ، ويحتمل أن يقال من محذوف تقديره تركهما ، فهما يلتقيان إلى الآن ولا يمتزجان وعلى الأول فالفائدة إظهار القدرة في النفع ، فإنه إذا أرسل الماءين بعضهما على بعض وفي طبعهما بخلق الله تعالى وعادته السيلان والالتقاء ومنعهما البرزخ الذي هو قدرة الله تعالى ، أو بقدرة الله يكون أدل على القدرة مما إذا لم يكونا على حال يلتقيان فيه وفيه فائدة بيان القدرة أيضا على المنع من الاختلاط ، فإن الماءين إذا تلاقيا لا يمتزجان في الحال ، بل يبقيان زمانا يسيرا كما إذا غمس إناء مملوء من ماء حار في ماء بارد إن لم يمكث فيه زمانا لا يمتزج بالبارد لكن إذا دامت مجاورتهما فلا بد من الامتزاج فقال تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) [الفرقان : الآية ٥٣]. خلا هما ذهابا إلى أن يلتقيا ولا يمتزجا ، فذلك بقدرة الله تعالى ثم قال تعالى : (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ (٢٠)) [الرّحمن : الآية ٢٠]. إشارة إلى ما ذكرنا والبرزخ الحاجز فإن البحرين قد يكون بينهما حاجز أرضي كما قلنا آنفا.
(في قوله تعالى :
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ (٢٢)) [الرّحمن : الآية ٢٢])
وفيه مسائل :
(المسألة الأولى) :
في القراءات التي فيها قرئ يخرج من خرج ، ويخرج من أخرج بفتح الراء وعلى الوجهين فاللؤلؤ والمرجان مرفوعان ويخرج بكسر الراء بمعنى يخرج الله ونخرج بالنون المضمومة والراء المكسورة ، وعلى القراءتين ينصب اللؤلؤ والمرجان ، واللؤلؤ كبار الدر والمرجان صغاره ، وقيل : المرجان هو الحجر الاحمر.
(المسألة الثانية) :
اللؤلؤ لا يخرج إلا من المالح فكيف قال منهما؟ نقول : الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن ظاهر كلام الله تعالى أولى بالاعتبار من كلام بعض الناس الذي لا يوثق بقوله ، ومن علم أن اللؤلؤ لا يخرج من الماء العذب ، وهو أن الغواصين ما أخرجوه إلا من المالح وما وجدوه إلا فيه لكن لا يلزم من هذا أن لا يوجد في الغير سلمنا لم قلتم إن الصدف يخرج بأمر الله تعالى من الماء العذب إلى الماء المالح وكيف يمكن الجزم به والأمور الأرضية الظاهرة أكثر أراضيها مكون من غلافات هذه الحيوانات. ثانيها : أن نقول : إن صح قولهم