ناشئة بالأعمال والصناعة ، وتكون أقل سعة من البحيرات والبطائح ، فماؤها واقف قليل العمق يتصاعد معظمه أو كله في بعض أزمنة من السنة ، وغالبا لا يجف عمقها بالكلية ، وتوجد بكثرة في السهول المنخفضة ، وفوق الجبال وعلى مهابطها في البلاد المملوءة بالغابات العتيقة.
(في بيان قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً) (٥٣) [الفرقان : الآية ٥٣])
قوله : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) [الفرقان : الآية ٥٣]. أي خلاهما وأرسلهما يقال : مرجت الدابة إذا خليتها ترعى وأصل المرج الإرسال والخلط ومنه قوله تعالى : (فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) [ق : الآية ٥]. سمي الماآن الكبيران الواسعان بحرين قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ مرج البحرين أي أرسلهما في مجاريهما كما ترسل الخيل في المرج وهما يلتقيان ، وقوله : (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) [الفرقان : الآية ٥٣]. المقصود من الفرات البليغ العذوبة حتي يضرب إلى الحلاوة والأجاج نقيضه وأنه سبحانه وتعالى بقدرته يفصل بينهما ويمنعهما التمازج ، وجعل من عظيم قدرته برزخا حائلا (وهاهنا بحثان) :
(البحث الأول) :
إن الماء العذب يوجد في الكون على ثلاثة أقسام. الصلابة ، والسيولة ، والبخار ، أما القسم الاول فهو الجليد والثلج والبرد ، وأما القسم الثاني فهو البحار والأنهار والبرك التي توجد على سطح الأرض وعلى قمم الجبال بمقدار عظيم.
(واعلم) : أنه يوجد هذا القسم أيضا في باطن الأرض ، فيكون تحتها أنهار يكون تيارها سريعا جدا ؛ لأنه يشاهد انفجار المياه من الصخور فتسمى بالعيون ، ومياه الينابيع الباردة تنشأ من ارتشاح مياه المطر في طبقات الأرض إلى غور قليل ، وهي نقية غالبا أو لا تحتوي إلا على المواد التي توجد في الطبقة التي نفذت منها ، وأما المطر فهو ذو نقاوة تامة غالبا ، لكن لا ينبغي أخذه بعد أن يسيل على أسطحة البيوت ؛ لأنه يذيب مقدارا عظيما من الأملاح ، وأما مياه الانهار فهي ذات نقاوة أيضا مناسبة عادة ، فتحتوي على مقدار قليل من أملاح ذائبة فيها ، لكنها لا تمنعها من انضاج البقول والخضروات وترغية الصابون والمياه الصالحة للشرب ، يلزم أن تكون صافية شفافة لا لون ولا رائحة ولا طعم لها ، وأما غير الصالحة للشرب ، فهي