الأحوال الموضعية خصوصا قابلية توصيل الطبقات الأرضية للحرارة توجب اختلافا في هذه الازديادات بحسب الأماكن ، ولنذكر الملاحظات المختلفة التي اقتضت اختيار هذا العدد المتوسط فنقول : قد شاهد بعض المعلمين ذوبان جليد جبال الألب نحو قاعدتها في جميع الفصول فنسب هذا الذوبان إلى الحرارة الخاصة بالكرة الأرضية ثم أجرى تجاريب في أحوال الأرض للبحث عن قانون ازدياد درجة الحرارة في باطن الكرة ، فاستنتج منها أن الحرارة الأرضية تزداد درجة واحدة بعد كل أربعة وأربعين ذراعا من غور ، ولما أعاد بعضهم التجاريب التي أجريت قبله قال : إن ارتفاع حرارة باطن الأرض يختلف باختلاف المحال ؛ لأنه شاهد أنها تزداد درجة واحدة بعد كل أربعة وثلاثين ذراعا وثلثي ذراع من غور في بعض المحال ، وفي بعضها بعد خمسة وعشرين ذراعا ، وثلث ذراع وفي بعض آخر بعد عشرين ذراعا من غور ، فحكم بأن الازدياد المتوسط درجة واحدة بعد كل ثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع من الغور ، وقد استنتج المعلم المذكور من ذلك نتائج فقال : قد استفيد مما ذكرناه فوائد :
(أولها) : أن التجارب التي أجريتها تثبت وجود حرارة باطنة خاصة بالكرة الأرضية أي أنها ليست ناشئة من تأثير الأشعة الشمسية وأنها تزداد بالتعمق.
(وثانيها) : أن ازدياد تلك الحرارة ليس على قانون واحد في جميع البلاد فقد يكون في بلد ضعف ما يكون في بلد آخر.
(ثالثها) : أن هذا الاختلاف ليس على حسب العروض والأطوال.
(رابعها) : أن هذا الازدياد سريع في محل بطيء في آخر فقد يصل إلى درجة واحدة بعد عشرين ذراعا ، وقد يصل إليها بعد ستة عشر من العمق ، والحد المتوسط لازدياد درجة ولمدة لا يمكن أن يكون أقل من ثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع ، وهذا وقد نتج من الملاحظات التي أجريت في معدن الفحم الحجري الذي في كورنوا أن حرارة الأرض تزداد درجة واحدة بعد كل ستة وثلاثين ذراعا من الغور ، وهو قريب من العدد السابق ، ومن التجارب التي أجريت في معادن ايرز جبيرغ من بلاد السكس أن ازدياد الحرارة يكون درجة واحدة بعد كل ستة وخمسين ذراعا من الغور ، والاختلافات التي ذكرناها تفيد أن ملاحظة درجة الحرارة في باطن المعادن ليست واسطة متقنة للوصول إلى تعين ازدياد هذه الدرجة في حد معلوم ، لكن الآبار الصحراوية تتخذ منها واسطة متقنة للتعين وذلك أنه متى علم عمق بئر صحراوي فإن درجة حرارة الماء المنبجس منها على سطح الأرض بواسطة الأنبوبة الموصلة تعين درجة حرارة الأرض المنبجس منها هذا الماء بلا شك ؛ لأن الماء لسرعة انبجاسه لا يجد زمنا يبرد