الأخلاط ، قال ابن الأعرابي : واحدها مشج ومشيج ، ويقال للشيء إذا خلط : مشيج كقولك خليط ، وممشوج كقولك وخلوط ، قال الهذلي :
كأن النصل والفوقين |
|
خلال الريش به المشيج |
يصف السهم بأنه قد بعد في الرمية فالتطح ريشه وفوقاه بدم يسير. قال صاحب الكشاف : الأمشاج لفظ مفرد وليس بجمع ، يدل عليه أنه وقع صفة للمفرد ، وهو قوله : (نُطْفَةٍ) [النّحل : الآية ٤]. ويقال أيضا : نطفة مشيج. ولا يصح أن يكون أمشاج جمعا للمشيج ، بل هما مثلان في الإفراد ، ونظيره برمة أعشار أي قطع مكسرة وثوب أخلاق وأرض سباسب ، واختلفوا في تكون النطفة وفيه مباحث :
«المبحث الأول في نطفة الرجل» :
اعلم أن المني وقت خروجه يكون محتويا على سائلين : أحدهما : لبني قليل ينسب أصله للغدة المسماة «بالبروستا». وثانيهما : أبيض ثخين غروي المنظر ينسب إفرازه للخصيتين ، ويوجد فيه مادة الحياة ، وكل مائة وخمسة وعشرين جزءا ـ على ما حققوه ـ من مني الإنسان يحتوي على مائة واثني عشر جزءا ونصف جزء من الماء وسبعة أجزاء ونصف من مادة مخاطية حيوانية وجزء وربع من الصودا ـ أي القلى ـ وثلاثة أجزاء ونصف وربع من فوصفات الكأس ، أي تراب مثل حريق العظم ويوجد فيه خلاف ذلك مادة مخاطبة ومادة طيارة وكبريت وإذا ترك المني في إناء سواء كان مغطى أو بغير غطاء ، صار رقيقا كالماء بعد عشرين دقيقة أو خمس وعشرين ، ولا يعرف سبب ذلك ، وهذه الميوعة تحصل وإن كانت الحرارة خفيفة ، وإذا سخن جيّدا ، تحلل تركيبه ونشأ عنه كثير من النوشاد ، وإن ترك معرضا للهواء في صحن مثلا وكان الهواء حار جافا ، يثخن ، وتظهر فيه بلورات «فوصفات الكلس» ، وينعقد ويصير قشورا سهلة الكسرة قليلة الشفافة ، يقرب منظرها من منظر القرن ، وإن كان حارا رطبا يتغير تركيبه قبل جفافه فيصفر ويحمض وتفوح منه رائحة كرائحة السمك العفن ، ثم يتكرج ، ومن خواص المني أنه لا يذوب في الماء الحار ، ولا البارد إلا بعد إماعته ، وإذا سقط المني حال انفصاله من الإنسان في ماء ، فإنه ينزل إلى قعر الإناء ، وينعقد قليلا ثم يذوب منه مقدار وينتشر ما بقي منه في الماء كأنه ندف صغيرة ، فإذا رشح حينئذ وسخن المترشح على حمام ماريه حتى جف ، تفوح منه رائحة خاصة ، وهي رائحة المني المعروفة ، ويكتسب هيئة لؤلؤية تميل إلى قليل اصفرار وتبقى منه على جدران الإناء طبقة خفيفة جدا ، فإذا أخذ ما بقي في قعر الإناء وصب على تلك الطبقة حتى ذابت فيه ثم جفف السائل وعولج ما بقي منه بالماء المقطر ثم صعد الماء المذكور ، تحصلت منه خلاصة تحمر