القوى الروحانية والأجرام النيرة ، واتخذوها معبودا لهم على حدة ، وقد كان هيكل العلة الأولى وهي عندهم الأمر الإلهي ، وهيكل العقل الصريح ، وهيكل السياسة المطلقة ، وهيكل النفس والصور مدورات كلها ، وكان هيكل زحل مسدسا ، وهيكل المشتري مثلثا ، وهيكل المريخ مستطيلا وهيكل الشمس مربعا ، وكان هيكل الزهرة مثلثا في جوفه مربع ، وهيكل عطارد مثلثا في جوفه مستطيل ، وهيكل القمر مثمنا فزعم أصحاب التاريخ أن عمرو بن لحي لما ساد قومه وترأس على طبقاتهم ، وولي أمر البيت الحرام اتفقت له سفرة إلى البلقاء ، فرأى قوما يعبدون الأصنام فسألهم عنها فقالوا له : هذه أرباب نستنصر بها فننصر ، ونستسقي بها فنسقى ، فالتمس إليهم أن يكرموه بواحد منها فأعطوه الصنم المعروف بهبل : فسار به إلى مكة ، ووضعه في الكعبة المشرفة ، ودعا الناس إلى تعظيمه ، وذلك في أول ملك سابورذي الأكتاف.
(واعلم) أن من بيوت الأصنام المشهورة غمدان الذي بناه الضحاك على اسم الزهرة بمدينة صنعاء ، وخربه عثمان بن عفان رضي الله عنه ومن نوبها (٤) وبنح الذي بناه منوشهر الملك على اسم القمر ثم كان لقبائل العرب أوثان معروفة مثل ود بدومة الجندل لكلب ، وسواع لبني هذيل ، ويغوث لبني مذحج ، ويعوق لهمدان ، ونسر بأرض حمير لذي الكلاع ، واللات بالطائف لثقيف ، ومناة يثرب للخزرج ، والعزى لكنانة بنواحي مكة ، وإساف ونائلة على الصفا والمروة ، وكان قصي جد النبي صلىاللهعليهوسلم ينهاهم عن عبادتها ، ويدعوهم إلى عبادة الله تعالى ، وكذلك زيد بن عمرو بن نفيل ، وهو الذي يقول :
أربّا واحدا أم ألف ربّ |
|
أدين إذا تقسّمت الأمور |
تركت اللات والعزّى جميعا |
|
كذلك يفعل الرّجل البصير |
(مقالة مهمة)
في قوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) [الأعراف : الآية ٥٤].
وفي الآية مسائل :
(الأولى) : حكى الواحدي عن الليث أنه قال : الأصل في الست والستة سدس وسدسة ، أبدل السين تاء ، ولما كان مخرج الدال والتاء قريبا أدغم أحدهما في الآخر واكتفى
__________________
(٤) قوله : من نوبها ... إلخ. كذا بالأصل. اه.