الجنوب ، وشماله القطب الشمالي ، وذلك أن وسط فلك البروج هي دائرة عظمى مائلة على خط الاستواء بثلاث وعشرين درجة ونصف ، وهذه الدائرة تمتد إلى دائرتين متوازيتين موضوع كل منهما على البعد بثلاث وعشرين درجة ونصف عن دائرة الاستواء ، وهاتان الدائرتان تسميان المدارين ، وهما يدلان على موضع الشمس الذي تنتهي إليه في الصعود ، ثم تهبط إلى مثل محلها الذي صعدت منه.
وأما الدائرتان القطبيتان فهما على البعد من القطب بثلاث وعشرين درجة ونصف ، وهما يكون عليهما النهار الدائم والليل الدائم مدة كون الشمس في نقطتي الانقلابين ، فهذا هو المراد من انتقال الأظلال عن الأيمان إلى الشمائل وبالعكس.
(البحث الثاني):
إنا إذا فسرنا اليمين بالمشرق كانت النقطة التي هي مشرق الشمس واحدة بعينها ، فكانت اليمين واحدة ، وأما الشمائل فهي عبارة عن الانحرافات الواقعة قي الاظلال بعد وقوعها على الأرض وهي كثيرة ، فلذلك عبرّ الله تعالى عنها بصيغة الجمع ، فإذا علمت هذا فنقول : إذا رسم خط الزوال وخط الاستواء على مستوى حصل من ذلك تقاطع صليبي : أطرافه الأربعة تسمى النقط الأربع الأصلية للعالم ، فالنقطة الموضوعة جهة القطب الشمالي تسمى الشمال ، والتي جهة القطب الجنوبي تسمى الجنوب ، والتي جهة طلوع الكواكب تسمى المشرق ، والتي جهة مغيبها تسمى المغرب ، فإذا الأرض انقسمت أرباعا ، فجميع دوائر هذه الكرة تستعمل لقياس الأرض : منها دوائر موازية لدائرة الاستواء وتمر بالقطبين ، وتقسم الكرة إلى ثلاثمائة وستين جزءا متساوية ، ومن تقاطع هذه الدوائر تتكون أسطحة صغيرة مربعة تسمى درجات أو مربعات ، فيوجد منها بين خط الاستواء ، وكل من القطبين تسعون درجة ، وبين نصف دائرة الزوال ونصفها الآخر مائة وثمانون درجة ، وربما سمي أحد نصفي دائرة الزوال بالزوال النهاري ، والثاني بالزوال الليلي ، وجعل تعالى من خط الاستواء إلى القطب الشمالي زيادة في العمائر ، فإذا قد تبين من انقسام الأرض أن أظلال الشمائل كثيرة.
(المسألة الثانية):
أنه تعالى دبر النيرات الفلكية والاشخاص الكوكبية بحيث تقع أضواؤها على هذا العالم على وجوده مخصوصة :
(منها) : أن الكرة الأرضية محاطة من جميع جهاتها بجسم شفاف خليط من جواهر مختلفة تختلط ببعضها وتتحلل ، فتنتشر بها الكائنات التي صعدتها أولا ، لكن بهيئة أخرى