صغيرة جدا تسبح فيه بدون أن يكون لها أدنى غلاف كما يوجد الزيت في مستحلب
اللوز لكنها تجتمع بسبب خفتها فتكون طبقة مختلفة السمك مائلة للصفرة تسمى بالقشطة
، وفي هذا الزمن تكون المادة الجبنية مذابة تقريبا ، لكن بعد زمن يصير تأثير اللبن
حمضيا بعد أن كان قلويا ، وإذا ترك زمنا أطول من المتقدم مع سلامة الهواء يصير
حامضا بسبب تكون خمض اللبن فيه ، وحينئذ يكون الجبن الذي صار غير قابل للذوبان جزأ
متجمدا حامضا يسميه بالجبن الذي يكون سابحا وسط سائل أصفر مائل للخضرة يسمى بمصل
اللبن ، وهو الذي يحتوي على سكر اللبن والأملاح ، وقد يتفق غالبا أن فساد اللبن لا
يكون كافيا لانفصال الجبن ويتجمد مع وضع اللبن على الحرارة وحينئذ فلا ينبغي
استعماله ، ولأجل منع الفساد الذي كثيرا ما يوجد في اللبن الذي يؤتى به من القرى
إلى المدن الكبيرة يغلي أولا ، وكثير ما يضاف إليه مقدار قليل من القلى وتجهز
القشطة بخض اللبن في قربة أو نحوها ، وفي هذه العملية يتخمض مصل اللبن تخمضا زائدا
ليذيب المادة الجبنية التي تجمدت ، والجزئيات الزبدية حيث إنه تبقى منفردة بقرب
بعضها تجتمع شيئا فشيئا حتى تصير كتلة واحدة ، وتستعمل المادة الجبنية لعمل الجبن
المختلف الأنواع ، ولأجل ذلك تملح ، وتفعل فيها عمليات مختلفة تحدث تنوعا عظيما في
طعمها ولونها وأوصافها الطبيعة الأخرى ، ومصل اللبن يجهز بتجميد اللبن بحمض ،
والعادة أن يستعمل لذلك الخل أو الطرطير أو الأنفحة التي هي لبن متجمد يوجد في
معدة الحيوانات الصغيرة ، واللبن أثقل من الماء دائما ، ويكون أكثر كثافة إذا نزعت
منه القشطة ، وهذا أمر معلوم سهل المعرفة ، بل وتختلف الكثافة في لبن الحيوان
الواحد المأخوذ منه في أوقات مختلفة ، ومع ذلك فأسباب هذه الاختلافات عظيمة جدا ،
وحيث إن اللبن يكون أكثر تغذية كلما احتوى على زبد ومادة جبنية وسكر ولبن وأملاح
أكثر وعلى ماء أقل ، فيكون أكثر تغذية كلما قلنا ، ولنذكر هنا بيان الألبنة في
الحيوانات واستعمالاتها فنقول:
(مبحث مهم في بيان الألبنة واستعمالاتها)
وهي لبن النساء
والبقر والجاموس والنوق والأتن والمعز والضأن فأما لبن النساء فإنه يحتوي على كثير
من الكثاءة وسكر وطعمه حلو وفي أول أدواره في الثدي بعد الولادة يكون سائلا رقيقا
يميل إلى الاصفرار قليل الطعم إذا ترك الهواء ينفصل عنه مقدار مناسب من الكثاءة
وهو في الحالة يسمى باللبأ وأعظم خواصه تسهيل خروج العقى من بطن المولود ثم يتغير
تدريجيا حتى يصير لبنا جيدا وذلك لا يتم إلا نحو ثلاثة أشهر ، وهذا اللبن نافع في
الأمراض المعدية والمعوية والرئوية إذا أزمنت وأضعفت القوة الهاضمة والمغذية ،
وأما لبن الأتن ، فهو