أقرب شبها بلبن النساء ويستعمل فيما يستعمل فيه لبن النساء وهو ملطف مسهل للهضم ، وأما لبن المعز ففيه من المادة الزبدية أكثر مما في غيره ، وكثيرا ما ينشأ عنه مغص خفيف في أحشاء المرضى ، بل وغيرهم ، ويعقب المغص تبرز مرارا ، ويستعمل فيما يستعمل فيه اللبنان السابقان ، وأحيانا قد ينفع ارتضاعه من الضرع وهو ساخن فيكون أسهل هضما ، وإذا أريد أن يكون أخف تطعم المعزى من الجزر وما ماثله ، لكن كثيرا ما يحصل لها إسهال ومتى حصل لها إسهال تستبدل بغيرها ، وإذا أريد زيادة المادة المغذية في المعزى تطعم من الحشائش أو من الشعير الذي أغلى عليه مدة قصيرة أو عطن في الماء مدة عشر ساعات أو اثنتي عشرة ساعة ، وأما لبن الضأن فهو أكثر كثافة من لبن النساء والمعز ، وتعمل منه جبنة جيدة ، وأما لبن البقر والجاموس والنوق فهو سهل الهضم وكل منها يستعمل دواء ملطفا وحقنا وزرقا ، وقد تجهز به الضمادات الملينة وقد يستحم به في بعض الأمراض الجدلية المزمنة ، ومتى أمر المريض باستعمال اللبن ينبغي أن يستعمله مدة طويلة ؛ لأنه ينفع من الأمراض ، لكن لا يستعمله المصاب بأمراض مضعفة ، ولا ذو المزاج اللينفاوي كالمصاب بداء الخنازير ، وقد يستعمل مضادا لبعض السموم : كالأملاح الزئبقية والقصديرية والنحاسية ، بل وجميع الأملاح التي تؤثر فيها المادة الزلالية وتغيرها ، وأحيانا تشمئز منه نفوس بعض المرضى ؛ لأنه ينشأ عنه انتفاخ البطن ، ومتى حصل ذلك ينبغي أن يوضع في اللبن قطرات من زيت طيار لذيذ أو من ماء زهر أو بعض قليل من القلى أو قمحات من خشب كينا ، فيسهل على المريض هضمه وبوله ، وأحيانا يكون اللبن واسطة لسهولة هضم بعض مواد دوائية ، فلا يعطي المريض شيئا من المياه المعدنية الكبريتية وأما مصل اللبن فهو ملين ومسهل خفيف جدّا ، فيعطى منه المريض ثلاثين درهما بعد كل ساعتين أو ثلاث أو أكثر ، وذلك على حسب الاحتياج ، وقد يحلى لشراب ، وكثيرا ما يكون سواغا للأدوية أعني أنه تذاب فيه الأدوية لا سيما المسهلة ، فكثيرا ما ينتفع درهم من السنا مع نصف أوقية من كبريتات الصودا في مائة درهم من المصل ، ثم يحلى ويعطر ويشرب منه في تلك الحالة مرتين أو ثلاثا فيطلق البطن إطلاقا خفيفا ، وقد يعمل من مصل اللبن حمام حتى أنه في البلاد التي فيها اللبن كثيرا جعلوا دورا مخصوصا للاستحمام به ؛ لأنه عظيم النفع في معالجة كثير من الأمراض العصبية والجلدية والحرارية وبعض أمراض مزمنة للقناة الهضمية ، وأما الجبنة فهي طعام جيد مغذ إن لم تكثر عفونتها ؛ لأنها إذا اختمرت أو تعفنت تصير منبهة مستعصية على الهضم ، وهي أنواع تختلف باختلاف البلاد والمرعى.