يشملنا ، ويتميز الحيوان عن النبات بالبداهة متى عرف أن الأول عضلات وأعصاب ومعدة ، وبسبب ذلك يتحرك ويحس ويهضم ، ومع ذلك فهذه الأوصاف الثلاثة الرئيسة يمكن أن لا يوجد دائما في آن واحد في حيوان ، لكن توجد واحدة منها بالأقل كي تحفظ فيها صفة الحيوانية ، فبعض الحيوانات يمكن أن لا يكون له قناة هضمية لهضم الأغذية ، وهذه الحيوانات مجردة عن الأعصاب المتميزة ، لكن قوة تحركها تكفي في حيوانيتها ، وأما الحركات التي تقع من بعض النبات فلا ينبغي أن تشتبه عليك بحركات الحيوانات ، فالحركات في الحيوانات تكون ناشئة عن الاختيار بواسطة ألياف قابلة للانكماش ، وليست الحركات في النباتات ناشئة إلا عن خاصية عامة لجميع منسوجات الكائنات العضوية أي قابلة ، وهذه الخاصية غير متعلقة بوجود العضلات ، والمجموع العصبي ، ثم إن الحياة في الحيوانات لا تتم إلا بأربع وظائف عظيمة : وهي التغذية والتناسل ، وهاتان الوظيفتان مشتركتان بين الحيوانات والنباتات ، ويتكون عنها الوظائف الحيوية أو النباتية أو المنيمية ، ثم قابلية التحرك والإحساس ، وهما الوصفان الخاصان بالحيوانات ، أو الوظيفتان الحيوانيتان ، الحقيقيتان ولا شك أن التغذية هي أهم الوظائف وأعمها حيث إنها في النمو أول الجميع ، وتكون مع ابتداء الحياة ، وتنتهي بانتهائها ، وتحصل بكيفية مستمرة غير مدركة للحيوان نفسه ، وأما الوظائف الثلاث الأخر فلا تحصل إلا بشروط في أزمان معلومة ، والأفعال الرئيسية لهذه الوظيفة الأصلية هي تناول الجواهر الغذائية ، ثم يحصل فيها الصلاح مناسبا في أعضاء معدة لذلك بالخصوص ، ثم تنصب متحصلاتها في تيار الدورة التي توزعها في الأجزاء المختلفة للجسم ، والتناسل هو الوظيفة الثانية من الوظائف الحيوية أو النباتية ، ويحصل بفعل أعضاء مخصوصة كما قلنا.
(المقالة الثامنة والثلاثون)
في قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) [النّور : الآية ٤٥]
اعلم أن في هذه الآية أسئلة :
(الأول) : لم قال الله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ) [النّور : الآية ٤٥]. مع أن كثيرا من الحيوانات غير مخلوقة من الماء أما الملائكة عليهمالسلام فهم أعظم الحيوانات عدد ، وهم مخلوقون من النور ، وأما الجن فهم مخلوقون من النار ، وخلق الله آدم عليه