[الرّحمن : الآية ٢٢]. (الثاني) : أن الدبيب هو الحركة ، والملائكة عليهمالسلام لهم حركة. (الثالث) : لا يبعد أن يقال : إنه تعالى خلق في السماوات أنواعا من الحيوانات يمشون مشي الأناسي على الأرض. (الرابع) : قالت الحكماء : هل الكواكب مسكونة أم لا؟ صنف في هذه المسألة مؤلفات كثيرة ، ومع ذلك يقرب للعقل أنه لا يمكن حله بدليل قطعي ، سيما على وجه الإيجاب والإثبات إذا أريد بكونها مسكونة بذوات مشابهة لنا ، أو لما هو محيط بنا ، ولو فرض وجود سكان في كوكب المشرق الذي هو الزهرة مثلا ، أو في المشترى الممتلئ بأشرطته المتحركة ، وبأقماره الأربعة ، أو فى زحل المحاط بحلقة أو في غير ذلك يلزم نعترف بأن هؤلاء الناس ممتعون بمنظر جميل رفيع القدر ، أو سماء متنوعة المنتزهات ، وأشرف من سمائنا ، وقد عرض هذا البحث لكثرة الآراء والأقوال واختلاف الحدس والتخمين ، وقالوا أيضا : ويشاهد في سطح القمر بالآلات الفلكية المعظمة بقع ونكت كثيرة لا تتغير ولا تختلف كميتها ولا مقاديرها ، من ذلك استنتج ما ذكرناه من أننا لا نشاهد دائما إلا نصفه المحاذي لنا فقط ، وبعض تلك النكت حسبما تقتضيه حوادثها حاصل من ظل المرتفعات العظيمة الموجودة فيه ، أعني الجبال التي منها ما يبلغ ارتفاعه ثمانية آلاف متر ، وبعضها ناشئ من تجاويف وحفر لم يعلم غورها ومن جبال القمر ما هو براكين ، أي جبال نيران تقذف نارا فوقها تساوي أو تزيد عن قوة براكين الأرض ، والظاهر أنها مثلها في اختلاف زمن الثوران وشدته ، وإذا كان القمر مسكونا بأشخاص شبيهة بنا ، فأي منظر بهي تبديه الأرض لهم إذ تعرض لهم جميع أسطحتها في مدة أربع وعشرين ساعة مع كون قطرها أكبر من قطر القمر الممتلئ بثلاث مرات ، وضوئها أقوى من ضوئه بثلاث عشرة مرة ، وجميع ما ينسب لكرتنا من الكائنات الجوية المضيئة ، والبحار والأنهر ، والأراضي الناشفة ، والغابات والأقطار القطبية ، والجبال المفروشة بالثلج ، والجليد المستدام يغير وينوع لهم منظر هذه القرى العظيمة النيرة التي يلزم على ذلك أن القمر يستفيد نوره منها ، وكثرة الأقوال واختلاف الحدس والتخمين ، ومناقشتنا لها هنا يخرجنا عن غايتنا في هذا المختصر ، ثم قال تعالى : (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) [الشّورى : الآية ٢٩]. قال صاحب الكشاف : إذا تدخل على المضارع كما تدخل على الماضي قال تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) (٢) [الليل : الآيتان ١ ، ٢]. ومنه (إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) [الشّورى : الآية ٢٩] ، والمقصود أنه تعالى خلقها متفرقة لا لعجز ، ولكن لمصلحة ؛ فلهذا قال : وهو على جهنم إذا يشاء قدير. يعني الجمع للحشر والمحاسبة ، وإنما قال على جمعهم ولم يقل على جمعها لأجل أن المقصود من هذا الجمع المحاسبة ، فكأنه تعالى قال : وهو على جمع العقلاء إذا يشاء قدير ، واحتج الجبائي بقوله : (إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) [الشّورى : الآية ٢٩]. على أن مشيئته تعالى