كافيا ، وليست مشابهة لبعضها فإن المادة الليفية الموجودة في الدم مثلا ليست مماثلة للمادة الليفية التي في العضلات ، وقس على ذلك ، ومع هذا فلا ينبغي السهو عن كونه لا يمكن تتبع أصل عنصري من ابتداء الأطعمة المكونة له حتى يصير دما ويتماثل بالأعضاء ؛ لأنه بعد أن يحصل له هذا التغير تحدث بنية الجسم في هذه المواد الهيئة التي بها يصير مماثلة للأعضاء ، ولا يوجد شيء من هذا النضج مماثلا للنواميس الكيماوية فإنه لا يوجد في الهواء ، ولا في الأرض ، ولا في الماء شيء متكون فيها من المواد المغذية التي تتماثل بالنباتات ، بل النباتات بنفسها هي التي تنضج هذه المواد الغير العضوية حتى تحدث فيها الحياة ، كما أنها هي المكونة للجواهر الملحية المعدنية التي توجد فيها ؛ لأن هذه الأملاح يمكن دائما استخراجها من الرماد النباتي ، ولو كانت طبيعة الأرض التي تغذي منها النبات مهما كانت ، وحيثما كان هذا الأمر حاصلا في النبات فهو ممكن الحصول في الجسم البشري نفسه ، وهو المنضج للمواد المكونة للأعضاء ؛ ولذلك كانت عناصره الأصلية دائما متماثلة ، ولو اختلف تغذيته ؛ لأن هذه العناصر لا تتغير إلا بأمور ضرورية لازمة للشخص كتغيرها بالسن والمزاج وغيرهما ، هذا ولم يكل الله سبحانه وتعالى الأصول الابتدائية الضرورية في حفظ الأجسام إلى الأمور العرضية كالأطعمة مثلا لتتكون منها ، بل أوجده سبحانه وتعالى ، ووظيفة التغذية في الحقيقة داخلة تحت سلطنة أعصاب الحياة التربية ، أي النامية أكثر من دخولها تحت سلطنة أعصاب الحياة الحيوانية ، فإنه لا يوجد وظيفة كهذه الوظيفة منتشرة في المادة العضوية ، إلا وهي داخلة في الخواص الحيوية العمومية ، وهي أيضا داخلة تحت سلطنة المجموع العصبي الضفائري ؛ ولذلك إذا حصل للأعصاب المخية آفة لا يظهر لنا تأثير في وظيفة التغذية للعضو الذي تتوزع فيه هذه الأعصاب ، وإذا حصل عدم نمو في طرف من الأطراف عقب شلله ، فهو بسبب عدم الرياضة لا بسبب الآفة العصبية ؛ لأنها لا تصلح أن تكون سببا له.
«المبحث الثامن في كيفية تحليل التركيب»
الامتصاص الحاصل في باطن الأعضاء الذي به ينفصل منها مقدار من المواد المكونة لها ، هو الامتصاص النسيجي ، أو الجزئي الذي وعدنا بذكره في مبحث الامتصاصات المختلفة ، وينبغي لأجل تحقيق حصوله أن نكرر القول بأنه لا شك فيه ؛ لأنه من حيث إن التغذية تحققت بالبرهان ، فينبغي ضرورة أن تنفصل الجزئيات العتيقة من الأعضاء ، وتتجه إلى الخارج لتترك مواضعها خالية للجزئيات الآتية من التغذية ، فحصول هذه الوظيفة حينئذ يكون في باطن جميع أنسجة الأعضاء بواسطة الأصول الوريدية واللينفاوية التي في الحالة الشعرية ،