الأوعية الكيلوسية لتغيرت ، ولم يحصل منها الموت سريعا ، وأما رابعا فلكون السوائل المختلفة الطبائع إذا دخلت في الأمعاء ، وجدت حالا في هذه الأوردة ، ثم إن الأشربة الداخلة في الأوردة الماساريقية تأتي إلى الوريد الباب ، وتتجه منه إلى الكبد فتستحيل استحالة مخصوصة بها تصير صالحة لأن تدخل في تيار دورة الدم ، والامتصاصات الراجعة هي ما يحصل في التجاويف المنفتحة والمنسدة ، ويكون للمواد الفضلية الخارجة ، والمواد الفضلية الراجعة ، ويكون أيضا للمواد المصلية والزلالية ، والمحافظ الوترية ، والأكياس المخاطية تحت الجلد وغير ذلك ، ولجزء من السائل الغددي إما في القنوات الدافعة وإما في بعض المستودعات ، وإما على أسطحة الأغشية المخاطية ، فالبول والصفراء واللبن والمني والمادة المخاطية المعوية ونحوها يمتص من كل منها جزء ، وهي في مواضعها فيدخل في الدورة ، وجزء لا يمتص فيخرج من الجسم.
«في دورة الدم» :
دورة الدم عبارة عن الحركة التي بها يندفع الدم دائما من القلب إلى جميع جهات الجسم بواسطة الشرايين ، ويعود إلى ما اندفع منه بواسطة الأوردة ، ومنفعة هذه الحركة ، أولا أنها تعرض السيال المتغير من اختلاطه باللينفا والكيلوس لمماسة الهواء بواسطة التنفس ، وثانيا أنها تدفعه إلى جملة أحشاء فتنقيه تنقية مختلفة الدرجات بواسطة الإفراز ، وثالثا وهو الأخير أن تدفعه إلى جميع أجزاء البنية فيتم نموها وتعتاض ما نقصت بواسطة التغذية.
(واعلم) أن أعضاء الدورة لا وظيفة لها سوى نقل هذا الخلط بدون أن تحدث فيه تغييرا مفيدا فهي آلات للفواعل المؤثرة ، وظيفتها عندها نقل المواد ، إليها ، والفواعل هنا هي الرئة ، وأعضاء الإفراز وما شبههما من كل ماله تأثير في هذه المواد ، وقد قلنا سابقا إن الأقدمين لا يعرفون كيفية دورة الدم خصوصا لما تمكنوا من مشاهدة دورة الدم بالنظارة المعظمة في بعض الحيوانات ذوات الدم البارد ، ولما شاهدوا أيضا أن الدم بالضغط على الشريان أو ربطه يمتنع عن أسفل المحل المفعول فيه الضغط ، أو الربط ، وبالضغط على الوريد يمتنع عن أعلى المحل المفعول فيه ذلك.
«الأمر الثاني في التغذية»
التغذية وظيفة مكملة لجميع الوظائف الممثلة فإن الطعام بعد تغيره بواسطة أفعال تحليل تركيب لا تحصى ، فتحيونه وصيرورته مماثلا لجوهر الجسم المعد هو لتغذيته يتحد بجميع الأعضاء الصالح لتعويض ما ينقص منها ، وهذه الاستحالة الذاتية للمادة المغذية لأعضائنا هي